اذن لدينا موعد لوصول الفلسطينيين والاسرائيليين الى وثيقة مشتركة تعلن في اجتماع عبّاس مع بوش في الحادي والعشرين من أيلول المقبل. وحسب المعلومات ايضا أن رايس طرحت افكارا جديدة هذه المرّة ولم تكتف بالاستماع وحثّ الاطراف على التقدم الى الأمام.
المقترح الاساسي هو فصل الملفات في مسارات متوازية وقد قدمت في كل ملف مقترحات مبدئية ما يزال يتوجب امتحان مضامينها، لكن الفلسطينيين لا يريدون ان تكون النتيجة الاعلان عن تفاهمات على ملفات وتأجيل اخرى – ستكون الاساسية طبعا–  فالاتفاق واحد ويعتبر منجزا بعد التفاهم على كل الملفات.
أنا لا أتخيل وثيقة تتضمن حقا اتفاقا شاملا ونهائيا. من المستحيل ان يتمكن الطرفان من ردم الهوّة التي تفصل بينهما والى أمد غير منظور، ولذلك فان الفرصة الوحيدة لانجاز تفاهم على وثيقة هو ترك بعض المساحات المعلقة، وهذا يعني مرّة اخرى اتفاقا انتقاليا أو لنقل اتفاقا غير كامل. لكن التصريحات الفلسطينية تؤكد وتشدد انه امّا اتفاق شامل ونهائي أو لا اتفاق مطلقا.
أنا بصراحة لا أدري اذا كان هذا هو الموقف الفلسطيني النهائي. فواقع الحال أن الهوّة حول قضايا الحلّ النهائي أي القدس واللاجئين والحدود أوسع مما كانت زمن كامب ديفيد، ومع ذلك هناك حاجة محلية واقليمية ودولية الى اتفاق، والفلسطينيون أول من يحتاجونه للخروج من المعاناة التي يعيشونها وخصوصا استمرار كارثة التوسع الاستيطاني المستمر منذ أوسلو، ويستمر الآن، حيث تقول التقارير ان نسبة البيوت التي بنيت هذا العام تضاعفت عشرات المرّات عن العام الماضي. فاذا كان التوصل الى اتفاق انتقالي يثبت على الأقل وقف الاستيطان كليا بما في ذلك في القدس، أليس في ذلك مصلحة فلسطينية؟
في ظلّ ميزان القوى القائم وهيمنة اليمين الاسرائيلي ليس ممكنا التوصل الى صيغة متوازنة للحلّ الشامل، ومن جانب آخر فان عدم الوصول الى اتفاق يعني استمرار التوسع الاستيطاني وتفاقم المأزق الفلسطيني. من هنا فان اتفاقا لا يتضمن تنازلات عن المطالب الفلسطينية في قضايا الحلّ النهائي، لكنه يضمن وقف الاستيطان وانتهاء الحصار والحواجز والتوغلات والتضييق على حياة الفلسطينيين ويضمن بسط السلطة الفلسطينية على معظم المناطق الفلسطينية مع استمرار الحوار (والصراع) هو المكسب الفلسطيني الممكن، وقد اتضح عبر السنين ان الكارثة في كل الاتفاقات الانتقالية السابقة هو تجاهلها وقف الاستيطان.
الأفكار التي اتت بها رايس والاهتمام المتجدد بالحلّ ربما يدفع الأمور الى الأمام قليلا، لكن حتما ليس لدرجة جسر الهوّة القائمة، واذا كان لاتفاق أن يعلن الشهر المقبل فهو سيقوم مرّة اخرى على تعويم القضايا الاساسية، واذا كان للفلسطينيين ان يمضوا بهكذا اتفاق فالشرط الذي لا يجوز اطلاقا التخلي عنه هو الوقف النهائي والكامل لكل نشاط استيطاني.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جميل النمري