هل يمكن لنا أن نشكل موقفا معرفيا واضحا من وجهة نظر الرأي العام في الأردن حول دور المشاركة السياسية للمرأة الأردنية؟ وكذلك التعرف على مدى قناعة الناس بأهمية هذه المشاركة إلى جانب البحث عن القناعات الأخرى المعاكسة والمواقف المؤثرة في جميع تلك القناعات؟ إضافة إلى ذلك هل يمكن الوقوف على حقيقة دور المرأة السياسي والمعيقات أمام مشاركتها السياسية والمحفزات للقيام بهذا الدور الناشط في الحياة العامة. كل تلك الأسئلة تطرح ذاتها بإلحاح شديد على من يريد أن يبحث في واقع المرأة السياسي في الأردن، وذلك بهدف الخروج بتصور واضح عن دور المرأة السياسي في الحياة العامة في الأردن، واستجلاء الصورة الذهنية المتكونة عن هذه المرأة ودورها في المجتمع والحياة العامة بشكل يساعد على فهم ونقد الواقع العام للمرأة وبالتالي يساهم في وضع التصورات والبرامج والخطط الساعية للارتقاء بالمرأة وتفعيل مشاركتها السياسية لما لهذه المشاركة من آثار عميقة على التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية كذلك.
ولكن طبيعة الصورة النمطية العامة التي تحكم دورة المرأة في الحياة  العامة وتشكل هذا الوعي حول المرأة وقدرتها ودورها السياسي تتكون أساساً من الموروث الثقافي والاجتماعي عن المرأة وليس من الواقع الذي وصلت إليه النساء في الأردن، فعلى الرغم من تطور الواقع التعليمي وسوق العمل والتطور العام الذي شهده واقع المرأة في الأردن إلا أن أغلب النساء يرددن المقولات النمطية السائدة منذ القدم حول شؤون المرأة الخاصة وعاطفيتها الطاغية مقابل عقلانية الرجل وما شابه ذلك، فالواقع المتغير لم يساهم بشكل كاف في تغيير الأفكار المسبقة عن المرأة ، وهذا ينطبق على النساء بمقدار ما ينطبق على الرجال.
ومدلولات ذلك تشير إلى ضعف العامل التربوي التوعوي في الإرتقاء بوعي الناس على نحو مواز لإرتقائهم المادي والمعيشي، وهذا يدعو بشكل متزايد للتركيز على الجوانب التعليمية والإعلامية لتوضيح أهمية دور المرأة وضرورة مساهمتها السياسية والإجتماعية  والإقتصادية الفاعلة. إلى جانب التركيز على سبل فك عقدة الترابط بين الصور المتخيلة والمأمولة والواقع.
كذلك نستخلص صورة أخرى من صورة الرأي العام حول تصورهم لدور المرأة في الحياة العامة تتمثل بالاعتقاد لدى كثير من النساء في الأردن على أفضلية وضع النساء في الأردن مقارنة بدول الجوار، ومع عدم وجود ما يثبت ذلك نخشى أن تكون هذه  الصورة متولدة فقط من دوافع غير موضوعية سواء كانت دوافع وطنية أو دعائية قد لا تكون صحيحة.
الخلاصة الأخيرة التي نرى من الأهمية إيرادها هنا هي التناقض بين الأفكار المطروحة والتي تبدو تقدمية وواعية وبين الممارسة العملية على ارض الواقع، ففي حين تعطي الصورة النمطية الأخرى بشأن ضرورة المشاركة السياسية للمرأة من قبل بعض المنظمات والنساء الناشاطت في العمل العام أن واقع المرأة السياسي في الأردن متقدم جدا على غيره، ولكن تفيد المؤشرات أن المشاركة الحقيقية للمرأة في الحياة العامة شبه معدومة، وهذا قد يشير إلى أن قضية المرأة على إطلاقها أضحت تثير التفاخر لدى من يرغبون بالظهور بمظهر الإنسان العصري الحداثي، فمناصرة المرأة تصبح في وضع كهذا إحدى مستلزمات " بريستيج" الحداثة والعصرنة، غير أن الأمر ينقلب بشكل معاكس تماماً عندما يتعلق بالممارسة الحية على ارض الواقع.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جهاد المحيسن