على الرغم من التصورات العامة التي تحكم أذهان الناس عن غياب الحرية كمفهوم وواقع في الإعلام الأردني، إلا إن هذا المفهوم "غياب الحريات الإعلامية" يشكل تصورا مسبقا يحمل رواسب سياسية واجتماعية تعود لعقود خلت من غياب الحريات السياسية للمواطن التي بدورها انعكست سلبا على الإعلام.
وقد اظهر تقرير مقياس الحريات الإعلامية، الصادر عن المجلس الأعلى للإعلام، أن مستوى الحرية الإعلامية في الأردن للعام الماضي بلغ 3،52 بالمائة. وبحسب التقرير فإن هذه النسبة تقع ضمن فئة مستوى الحرية النسبية الواقعة بين (01.40%- 60 %) من دون تجاوزات كبيرة لواقع الحريات الإعلامية.
وقد شملت الدراسة توسيع نطاق وسائل الإعلام التي يتناولها البحث للعام الماضي لتشمل الصحافة المطبوعة والالكترونية والإعلام المرئي والمسموع. وبحسب معدي الدراسة فقد تم تطوير أدوات القياس وصممت الاستبانات لتتناول ثلاثة محاور رئيسية معتمدة عالميا هي حرية الإعلاميين وحرية وسائل الإعلام وعلاقة الدولة بالمؤسسات الإعلامية.
وتم اعتماد منهجية علمية جديدة ذات 23 مؤشرا خاصا بالإعلاميين و18 مؤشرا خاصا برؤساء التحرير ومديري المؤسسات الإعلامية تتعلق جميعها بالحريات والعمل الصحافي، تختلف عن المؤشرات السابقة، ويمكن اعتبار مقياس الحريات للعام الماضي أساساً للمقارنة في السنوات القادمة.
ومن أهم النتائج الواردة في التقرير والخاصة بالإعلاميين تبين انه لم تسجل أية حالة قتل أو خطف بينهم خلال العام الماضي، في حين سجلت الرقابة الرسمية 191 تكرارا، وحجز الحرية 4 حالات و424 تكرارا لحجب المعلومات وصعوبة الحصول عليها.
أما مؤشرات الحريات الخاصة برؤساء التحرير ومديري المؤسسات الإعلامية فقد كان أهم ما سجلته عدم وجود أية حالة تتعلق بالإغلاق التام، في حين كان هناك حالتان للإغلاق المؤقت، و(32) تكرارا للرقابة الرسمية، و(18) تكرارا للتحيز الحكومي في التزويد بالأخبار والإعلان.
هذه ابرز النتائج التي وردت في الاستطلاع وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة لمثل هذا النوع من المسوحات، يسجل على هذا الاستطلاع غياب وجهات نظر المتابعين من المواطنين الذين هم الحيز الفعلي الذي يتلقى ما تبثه وسائل الإعلام، وبحكم كونهم المتفاعلين مع ما يجري في الإعلام وجب الأخذ بعين الاعتبار وجهات نظرهم لما فيها من أهمية لمعرفة كيف يرون حقيقة واقع الحريات الإعلامية في الأردن وكيف هم يقومون بتشخيصه.
والشيء بالشيء يذكر ففي أكثر من دراسة أجريت لمعرفة آراء الرأي العام فيما يخص واقع الحريات، نجد أن المواطنين يسجلون تراجعا في مستوى الحريات الإعلامية في الأردن مقارنة بغيره من البلدان العربية، وعلى وجه التحديد لبنان وبعض دول الخليج العربي.
هذه المقارنة لا تبخس من واقع الإعلام في الأردن بقدر ما تؤكد أن المواطنين في الأردن يمتلكون الأدوات المعرفية التي تمكنهم من عقد المقارنات من خلال اطلاعهم على مختلف وسائل الإعلام العربية والعالمية، وبالتالي الوصول إلى مفاهيم نسبية قد تساعد على التعرف على واقع الإعلام الاردني وتشكل مدخلا خصبا لمعرفة توقعات الجمهور من الإعلام.
ولعل من المفيد التأكيد على أهمية أن يتفاعل الإعلام الأردني مع التطورات التي تعنى بتقنيات التكنولوجيا وعولمة المعلومات وضرورة أن يتأثر بها وكذلك أن يؤثر فيها، ويستفيد من أدواتها، لما له من دور بارز في العملية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لحركة المجتمع بشكل عام.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جهاد المحيسن