تلعب الأحزاب السياسية القوية دورا مهما في تطوير العمل السياسي الديمقراطي الذي يستمد قوته ووجوده من التنافس والانفتاح، وحتى تتمكن هذه الأحزاب من الاستمرار في عملها لابد من توفير التمويل اللازم لتضمن بقاءها وقدرتها التنافسية، خصوصا أن الدستور الأردني وفر الإطار الرئيسي لضمان الحريات الأساسية للمواطنين، فهو يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء، ومساءلة السلطة التنفيذية، ويحقق فرص تداول السلطة.
ينص الدستور الأردني على المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وحماية الحرية الشخصية، ويكفل حرية التعبير عن الرأي بجميع الوسائل السلمية، وحق الاجتماع وتأليف الجمعيات والأحزاب السياسية وحق المواطنين في مخاطبة السلطات، ومنع التوقيف والحبس خلافاً لأحكام القانون، وينص على حماية الملكية الخاصة وحرمة المساكن، كما نص على تنظيم ممارسة بعض هذه الحريات بقوانين تصدر عن السلطة التشريعية لضمان ممارستها دون الاعتداء على حقوق الآخرين الأساسية أو تعريض كرامتهم وأمنهم وحريتهم للانتهاك.
وانطلاقا من روح الدستور الأردني نجد أن هنالك حاجة ماسة بأن تقوم الحكومة بالإسراع بتنفيذ وعدها بدعم الأحزاب السياسية ماليا. وهذا المطلب المشروع الذي طالبت به الأحزاب الأردنية، يسهم في رفع وتيرة الحياة السياسية ويمكن الأحزاب من ممارسة عملها في المجتمع، ولا شك في أن الأحزاب القوية تحتاج إلى المال، وان جمع الأموال وإنفاقها لا يتنافى مع طبيعة عمل تلك الأحزاب، بل يضاعف من حيوية العملية الديمقراطية بأسرها، وحتى تتمكن الأحزاب السياسية في الأردن من متابعة نشاطاتها لابد من إيجاد وسيلة عملية تضمن تدفق الأموال إليها من خلال الحكومة من جهة، ومن خلال التبرعات التي تحصل عليها من قبل المنتسبين إليها من جهة ثانية وخصوصا أن مسألة تمويل الأحزاب أصبحت مطلبا حزبيا لتلك الأحزاب التي دعت الحكومة إلى إصدار النظام الخاص بتمويل الأحزاب.
فبعد أن قامت الأحزاب بتسوية أوضاعها، بما يتوافق مع قانون الأحزاب لعام 2007 خلال الفترة المحددة في القانون، وجب على الحكومة الالتزام بنصوص القانون الذي يقضي بتمويل الأحزاب من موازنة الدولة. وتنص المادة 19 من قانون الأحزاب على انه "يتم تخصيص بند في الموازنة العامة للدولة للمساهمة في تمويل الأحزاب من أموال الخزينة وفقا لأسس وشروط تحدد حالات المنح أو الحرمان وآليات ووسائل الصرف بمقتضى نظام يصدر لهذه الغاية".
معيار تمويل الأحزاب على جانب كبير من الأهمية لأن إساءة تنظيمه للتأثير في مسار الحياة السياسية والتضييق على العمل الحزبي من السلطة، أو تركه دون تنظيم، من شأنه أن يؤثّر على حريّة الأحزاب وعملها. لكنّ هذا المعيار لا تزال صورته غير واضحة فلا توجد ديمقراطية من دون أحزاب سياسية فالأحزاب هي مؤسسات وطنية يتوجب رعايتها كما يتوجب مخاطبة مكامن القوة في التجربة الحزبية الأردنية وعدم الاكتفاء بنقد مظاهرها السلبية وتشجيع اندماج الأحزاب السياسية لقيام كتل كبيرة لفسح المجال لتداول السلطة التنفيذية فيما بينها. ومحاربة نزعة التشكيك بالأحزاب السياسية والتمييز بدقة بين نقد سلبيات التجربة الحزبية الأردنية والتشكيك بفكرة الحزب أساسا ومراعاة ذلك في العمل والنشاط والإعلام.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جهاد المحيسن