اقترضت الحكومة من السوق المحلية نحو 550 مليون دينار منذ بداية العام الحالي وهذا لا يبشر بأننا نسير في الاتجاه الصحيح ، بخاصة وان زيادة الاقتراض بحد ذاته يرتب تكاليف كبيرة على المالية العامة ، ويرهق الخزينة التي تعاني عجزا كبيرا يتجاوز 1145 مليون دينار ، كما ان السنة المالية ما زالت في بداية العام ولم يتم السيطرة على الاوضاع.. وهذا يتطلب مراجعة حقيقية.
وفي هذا السياق فان الاصلاح المالي يتطلب الالتزام بقانون الدين العام ، و ألا يتم تجاوز حجم الدين العام "الداخلي والخارجي" ما نسبته %60 من الناتج المحلي والاجمالي ، وربما الافضل ان نتحدث عن ارقام المديونية كأرقام مطلقة بعد ان تسلقت مستويات مناهضة.
حجم موازنة الدولة للعام الحالي يتضمن برنامجا رأسماليا يبلغ 900 مليون دينار ، وان مراجعة هذا البند لجهة استبعاد اي مشروع غير مدر للدخل ولا يوفر المزيد من فرص العمل ، وارجأ عمليات الاستملاك لغايات شق الطرق ، بخاصة وان مشروع الطريق الدائري ، في محافظة اربد ليس من المشاريع ذات الأولوية وبلغت تكاليف الاستملاكات حاجز الـ 50 مليون دينار كما ادى الى الحاق اضرار كبيرة بالاراضي الزراعية ويقينا ان هناك مشاريع اخرى مماثلة في محافظات اخرى يمكن مراجعة اهمية وجدوى هذه المشاريع في هذه السنة التي تحمل تحديات كبيرة أمام الحكومة والقطاع الخاص والمواطنين.
وفي هذا السياق فان ادارة الموازنة العامة ، والدين العام بشكل خاص يفترض ان يوازن بين القدرة على توفير الأموال سواء من الايرادات المحلية او المنح والمساعدات وقدر مأمون من الاقتراض من ناحية والانفاق العام بشقيه الجاري والرأسمالي بحيث يساهم القطاع العام في دفع وتيرة التنمية جنبا الى جنب القطاع الخاص لبلوغ معدلات مرضية وكافية لصيانة الاقتصاد وقدرته على التقدم في معالجة الاختلالات المزمنة.
خلال السنوات الماضية ركزت المالية العامة والسياسة النقدية على حماية الاستقرار النقدي والمالي خلال سنوات التصحيح والاقتصاد والتكييف الهيكلي واستمرت هذه العملية 14 عاما بالتعاون مع مؤسسات التمويل الدولية بخاصة صندوق النقد والبنك الدولي .. واسفرت عمليات التصحيح عن الاستقرار المالي وتوطيد الثقة بالدينار الاردني كوعاء ادخاري ، وقابليته للتحويل لمختلف الاستخدامات ، وفي نفس الوقت اخفقنا في بلوغ درجة مريحة من النمو.. اي ربحنا الجولة المالية واخفقنا في الجولات التنموية .
اليوم ظروفنا ماليا ونقديا واقتصاديا افضل وربما من الضروري الاستفادة من تجربة الاصلاح الاقتصادي والمالي بحيث نوازن بين الأهداف المنشودة حتى لا نقع في نفس المشكلة بعد سنوات.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خالد الزبيدي جريدة الدستور