ثمة أزمة كبيرة تعتري البحث العلمي في الجامعات العربية عموما والجامعات الأردنية خصوصا، وتأتي مناسبة هذا الحديث واقع البحث العلمي ما صرح به  أمين عام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومدير صندوق دعم البحث العلمي الدكتور تركي عبيدات في محاضرة له  والتي دعا الجامعات فيها إلى الالتزام بإنفاق ما نسبته 3 بالمئة من موازناتها على دعم مشروعات البحث العلمي.
وعلى الرغم من النسبة القليلة المرصودة للبحث العلمي في الجامعات إلا أن هذه النسبة لم تصرف، وفي حال عدم صرف الجامعات لهذه النسبة خلال سنتين ستؤول هذه الأموال إلى صندوق دعم البحث العلمي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مشيرا إلى إن ذلك يطبق حاليا على الجامعات الخاصة وسيبدأ تطبيقه على الجامعات الرسمية، والمفارقة أن نسب الإنفاق الحالية على البحث العلمي تبلغ 4,. بالمئة ويتوقع الأمين العام أن تصل خلال السنة المقبلة إلى 1 بالمئة !
وهذه الأرقام تشير إلى تدني واقع البحث العلمي؛ وهي كما أسلفنا  فثمة أزمة عامة تجتاح العالم  العربي بأسره في الإنفاق على البحث العلمي وهذا  تراجع  في الإنفاق يؤدي إلى تدني مستوى البحث مقارنة بالعالم الغربي. ومن غير المقبول أن نرى العالم من حولنا يحقق أرقاما متقدمة في مجالات الإنفاق على البحث العلمي وبراءات الاختراع واستثمار البحوث في الوقت الذي يتراجع فيه بحثنا العلمي عاما بعد عام، وإن تقدم خطوة فإنه لا يواكب مئات الخطوات التي اجتازها الغرب.
إن واقع البحث العلمي في العالم العربي  متخلف ولا يحتاج إلى المزيد من التفسير، فليست مسؤولية تخلف بحثنا العلمي في أعناق الأكاديميين وحدهم  الذين يهربون إلى الحرية الأكاديمية والبيئة العلمية الرحبة في أوربا وأميركا في سياق ظاهرة هروب النخب العلمية؛ تلك الظاهرة التي باتت هي الأخرى مؤشرًا طبيعيًا لتدهور وضع البحث العلمي في المنطقة، بل هي أيضا مسؤوليات الحكومات والقطاع الخاص والإدارات في المؤسسات التعليمية ذاتها.
 وهذا التدني في البحث العلمي يفسر التقديرات التي تفيد أن 95% من علماء العالم ينحصرون في أميركا وأوروبا واليابان، وهذا يعني أن نصيب البلدان النامية ـ والتي منها الدول العربية - من البحث العلمي لا يتعدى 5%، بينما 95% من الأبحاث العلمية تقوم بها الدول المتقدمة.
ولكي نواجه الحقائق ونتجاوز أزمة البحث العلمي في جامعاتنا, وجب البدء بإصلاح مسيرة  التعليم العالي والبحث العلمي,  ومواجهة مشاكل الواقع بشجاعة، ذلك أن بداية العلاج تبدأ من سلامة تشخيص العلة والاعتراف بالحق فضيلة كما صرح بذلك الأمين العام.
 وينبغي أن نعترف ونقر بأننا مستوردون لا منتجون لفكر وثقافة الآخر الغربي, الذي أصبحنا  مرتهنين له ثقافيا وسياسيا  وأصبح من العسير الإفلات من سيطرته، وكل ذلك لا يتم إلا من خلال الإيمان بضرورة تطوير البحوث العلمية ودعمها وتبني من يقدم على مثل هذا النوع من الأبحاث لكي نستطيع أن نحقق تقدما ولو يسيرا للخروج من حالة الارتهان تلك في وقت نحن بأمس الحاجة لتطوير أدوات المعرفة والتحليل لدينا.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جهاد المحيسن