لسنوات طويلة خلت من تاريخ الحركة الوطنية الأردنية شكلت الاتحادات الطلابية المختبر السياسي لتخريج العديد من القيادات السياسية للأحزاب والتيارات السياسية الأردنية ، وعلى الرغم من الانقسامات التي كانت تعتري الجسم الطلابي الأردني نتيجة لاختلاف الانتماءات السياسية سواء في الداخل أو الخارج بقيت تلك الاتحادات المنبر الديمقراطي للتعبير عن هموم تلك الشريحة الواسعة من المجتمع الأردني.
ولعل ما حدث مؤخرا من تراجع من قبل رئاسة الجامعة الأردنية عن القانون الذي حد من دور الاتحادات الطلابية في انتخاب ممثليهم من الطلبة، بعد ثماني سنوات من تطبيق نظام يتيح لهم انتخاب نصف ممثليهم في مجلس الطلبة فقط بينما يعين رئيس الجامعة باقي الأعضاء ورئيس المجلس، يكون حافزا على تنشيط العمل السياسي وإثرائه في الساحة الأردنية بعد غياب الدور الحقيقي للطلبة في الحياة السياسية العامة، التي تعاني  ركودا من جراء غياب ضخ دماء جديدة فيها كنتيجة طبيعة للبعد عن الخزان الحقيقي لضخ القيادات السياسية من الجامعات.
فقانون "التعيين" الذي اتبعته الجامعة الأردنية منذ عام 2000 أضعف المشاركة الطلابية في الانتخابات، بل انه سعى  بالجسم الطلابي إلى الانكفاء وراء العصبيات والإقليميات الضيقة التي تساهم في تفكيك المجتمع المبني على أسس مدنية تحترم الرأي والرأي الآخر وتسعى لتطوير أدوات ديمقراطية حقيقية للنهضة السياسية في المجتمع.
المرحلة القادمة تحتاج لتفعيل دور الاتحادات الطلابية في مواجهة ظاهرة جديدة على المنظومة التعليمية وهى العنف في الجامعات. فأهمية الاتحادات الطلابية تكمن في كونها عنصرا مهما وفعال في العملية التعليمية بأسرها، فالانتخابات بشكل أو بآخر نتيجة عملية لممارسة الديمقراطية للطلبة في اختيار ممثليهم ونحن في أمس الحاجة إلى بث روح الديمقراطية والحوار البناء والمشاركة الفعالة عند تلك الشريحة على وجه التحديد.
أتاحة الفرصة للطلبة لانتخاب ممثليهم في الاتحادات يساهم بطريقة أو أخرى في تنمية القيم الروحية والأخلاقية بينهم، والتي تنعكس بالضرورة على باقي مكونات المجتمع، وتنمي بينهم وعيا وطنيا وقوميا يؤهلهم على القيادة في المستقبل، ويتيح لهم الفرص للتعبير عن آرائهم، فالاتحاد الطلابي هو المدافع عن مصالح الطلاب, المتبني لآرائهم, والمعبر عن وجهات نظرهم.
فكلنا يعلم مدى المعاناة التى تواجهها الجامعات الأردنية بشكل عام من موجة صدامات عشائرية وإقليمية على مدى السنوات الماضية، والتي هي نتاج طبيعي لغياب الاتجاهات السياسية عن المشهد الجامعي، فالجامعات الأردنية هي أمل الأردن وعقلها المستقبلي، ولن تتقدم أية  امة بلا عقل والعقل لن يبدع  إلا في ظلال الحرية، أما حالة الثبات والجمود فهي شكل من أشكال الموت.
نتمنى على إدارات الجامعات الأردنية بشكل عام والجامعة الأردنية بشكل خاص الاهتمام بالحركة الطلابية وتنميتها فالانقطاع والركود الذي أصاب الحركة الطلابية منذ العام 2000، فكك الطلبة وجعل الولاء للمنطقة والعشيرة والإقليم فوق الانتماء للجامعات ذاتها وبالتالي الوطن بأسره.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جهاد المحيسن