ثمة كثير من القضايا التي تمس الأمن الوطني الأردني في شقيه الاقتصادي والسياسي يجري أغفالها أو التغافل عنها من قبل السادة النواب، برغم عدم وجود أي مبرر منطقي لاستمرار هذا التغافل، سوى أحد أمرين: إما أنهم عاجزون عن معرفة دورهم التشريعي والوطني الذي يسعى لحماية مكتسبات الوطن أو الدولة، أو أنهم يدلفون إلى مجلس النواب من باب الوجاهة التي تقتضي مزيداً من المكتسبات التي يحققونها على الصعيد الشخصي بحكم موقعهم، ما يجعلهم في غنى عن التفكير في كل ما يستتبع ذلك من واجبات وطنية تقتضي الإجابة عليها.
فما حصل مؤخراً في المجلس، يستدعي الحديث مجدداً عن ضرورة إعادة النظر في قانون الانتخابات، الذي أورث العديد من الانقسامات في المجتمع الأردني، لحساب فئات محددة لا تمتلك القدرات الكافية لمواجهة التحديات التي يمر بها الأردن.
ربما يكون من الطبيعي أن تحصل المشادات الكلامية، والعراك بالأيدي، حول قضايا تمس الوطن والمواطن بشكل مباشر، لكن أن يستخدم بعض البرلمانيين لغة الاتهام والتخوين وغيرها من المصطلحات التي لا تعبر عن حقيقة الواقع، فهذا يجعلنا نقف كناخبين متفرجين على مشهد كوميدي لا يعنينا في شيء سوى أنه يأتي في سياق البحث عن الذات من قبل أعضاء مجلس النواب، في غمرة عصر الامتيازات والهبات التي تنهمر عليهم.
ليس من المقبول أن يتهم البعض الآخرين بالعبث بالأمن الوطني، وليس مقبولاً في ذات السياق تجريم الآخرين بتهمة مخالفتهم لوجهة نظر قد لا تتفق وقناعات الكثير من القوى الشعبية والوطنية، فمن حقنا كمواطنين أن نعبر عن مواقفنا من أية قضية وطنية وقومية بعيداً عن السادة النواب.
ويغيب عن السادة ممثلي الشعب أن حضورهم الشعبي ليس غائباً فحسب بل أنه تدور حولهم التساؤلات من قبل من انتخبهم، وهذا ما أثبتته الدراسات سواء في استطلاعات الرأي أو في الأبحاث النوعية، فلم ألمس في أي منها رضى عن مجلس النواب أو أدائه من قبل من شملتهم تلك الدراسات، ولقد كفاني الزميل محمد أبو رمان بتأكيد ما ذهبت إليه في الدراسات التي تعبر عن غياب هذا الدور الفاعل لمجلس النواب.
لكن ما يثير الناخبين من قبل ممثليهم، هو حجم الامتيازات التي تمتع بها السادة النواب في المجلس الحالي، فمن الزيادة الكبيرة في بدلات النواب والإعفاءات الجمركية للسيارات التي تكلف خزينة الدولة الكثير من الأموال، التي لا تسمى إلا هدراً عاماً في الإنفاق، وهو بطريقة أو بأخرى شكل من أشكال الفساد المسكوت عنه والمرضي عنه من قبل الحكومة، تلك هي القضايا التي جعلتهم يطرحون الكثير من علامات الاستفهام حول دور مجلس النواب، فلم نسمع شجاراً أو اتهاماً بهدر الأموال العامة، وفتح ملفات اقتصادية كبيرة تم أغفالها!
اعتقد أنه قد آن الأوان لإعادة النظر في شكل مجلس النواب الحالي، من خلال إعادة النظر في جملة القوانين التي أوصلت السادة النواب إلى المجلس، ووضع قانون عصري يتوافق مع الديمقراطية التي نريد لها أن تمثل جميع شرائح المجتمع الأردني.
بقلم: جهاد المحيسن.
المراجع
sarayanews.com
التصانيف
صحافة جهاد المحيسن الآداب