هذا هو التعديل الأول والموسع على حكومة الذهبي، بعد مرور15 شهرا على تشكيلها، وهو ربما ما سيعطي الحكومة دفعة جديدة باتجاه تفعيلها وتجديد حيويتها بعد مخاض طويل حول التعديل استمر ثلاثة أشهر.
اللافت للنظر، في هذا التعديل، إسناد حقيبة التنمية السياسية للحزبي والسياسي، موسى المعايطة، ما يمكن اعتبارها إشارة واضحة من قبل الحكومة على ضرورة الانفتاح والمضي قدما في الإصلاح السياسي، والتي تعكس ضرورة تفعيل مسار التنمية السياسية والإصلاح السياسي، فهل يمكن أن نفهم من ذلك أن الحكومة مقبلة على تطوير مسار التنمية السياسية بإسناد هذه المهمة الشاقة للسيد المعايطة؟
ولكن في السياق ذاته أيضا وجب التنويه أن هناك أعباء مشتركة تساهم في تطور مسار التنمية السياسية تتحملها، إلى جانب الحكومة، مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات القطاع الخاص وذلك للسير بالمجتمع الأردني قدما، ومن غير إبطاء أو تردد، وبشكل ملموس، في طريق بناء نظام ديمقراطي.
من هنا يأتي اختيار السيد موسى المعايطة لوزارة التنمية السياسية كناشط سياسي يستطيع أن يقدم تصورات واقعية للديمقراطية الحقيقية التي قد تختلف في أشكالها ومظاهرها، وفقا للتغيرات السياسية والاجتماعية، ولكن جوهرها يظل واحداً، فهي تعني ذلك النظام الذي تكون الحرية فيه هي القيمة العظمى والأساسية بما يحقق السيادة الفعلية للشعب الذي يحكم نفسه بنفسه من خلال التعددية السياسية التي تؤدي إلى تداول السلطات، وتقوم على احترام الحقوق كافة في الفكر والتنظيم والتعبير عن الرأي للجميع، مع وجود مؤسسات سياسية فعالة، على رأسها المؤسسات التشريعية المنتخبة، والقضاء المستقل، والحكومة الخاضعة للمساءلة الدستورية والشعبية، والأحزاب السياسية بمختلف تنوعاتها الفكرية والأيديولوجية.
لكن يبقى السؤال قائما كيف سيستطيع السيد موسى المعايطة القيام بكل هذه الأعباء في ظل هامش ربما يكون محدودا من قبل الحكومة للتعاطي مع المفاهيم التي تفرضها شروط التحديث والتنمية السياسية؟
إن مسألة التنمية السياسية في الأردن لم تعد مجرد خلافات أو صراعات بين جماعات النخب السياسية والفكرية، بقدر ما هي نقطة تلاق بين القوى السياسية والاجتماعية والثقافية كافة من جهة، وبالمثل نقطة تقاطع بين مصالح القوى الدولية والإقليمية من جهة أخرى.
وبرغم اختلاف وتيرة المطالبة والجدية في المضي قدما في مسار التنمية السياسية فلا يستطيع احد أن يتجنب الحديث عنها، وعن ضروراتها لمستقبل الأردن.
فمنظومة التنمية السياسية لا بد أن تكون متكاملة ويمكن أن يأتي في طليعة هذه المنظومة إصلاح المنظومة الانتخابية، لذا وجب التأكيد على البدء في إصلاح المنظومة الانتخابية كمقدمة لإصلاح سياسي وطني شامل، يشارك فيه كل الأطراف الفاعلة في المجتمع حتى نمضي قدما في عملية الإصلاح والتنمية التي بقيت لفترة طويلة تراوح مكانها. وليس هنالك أدنى شك أن ما سيواجهه المعايطة من تحديات سوف يكون كبيرا وهذه التحديات ليست مربوطة بقدرته الشخصية بقدر ما هي مربوطة بجدية الحكومة في المضي قدما في عملية الإصلاح، التي يخشى أن تبقى تراوح مكانها من دون أي تغيير حقيقي يلمسه الناس على أرض الواقع.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جهاد المحيسن