على كل القطاعات الحكومية والشعبية التحرك للبرهنة على أن هذه التصورات الإسرائيلية القديمة الجديدة خطرة، ويجب أخذها على محمل الجد والتعامل بشكل حاسم معها
 سؤال يؤرق الكثيرين منا: لماذا هذا السكوت عن الحلول التي يقترحها العدو الصهيوني واليمين المسيحي المتطرف في الولايات المتحدة الأميركية عن تصفية القضية الفلسطينية عبر الأردن، باعتباره حلا مثاليا لحلم صهيوأميركي، يقوم على تذويب الهوية الوطنية، وفي ذات الوقت التخلص من الأرق الذي يسببه قيام دولة فلسطينية على الأرض التاريخية للفلسطينيين في فلسطين المحتلة؟
قبل العدوان الهمجي على غزة خرج "جون بولتن "بفكرة حل الثلاث دول التي لم تولد في ذهن كاتبها من الفراغ، بقدر ما هي تأكيد على فكرة راسخة في أذهان الكثيرين من الساسة والمفكرين سواء أكانوا إسرائيليين أم أميركيين على حد سواء، فهو يرى أن الإلحاح على "حل الدولتين" بين إسرائيل و"فلسطين" حيث يتعايشان جنبا إلى جنب في سلام، لم يقدم شيئاً في موضوع الصراع العربي الإسرائيلي، ولم يتم إحراز أي تقدم، بل إننا ربما نتراجع كما يقول بولتن كما أننا نستمر في التحديق في "خريطة الطريق" الخاصة بالشرق الأوسط وكأن ذلك هو كل ما لدينا، أو هو أفضل ما في الإمكان، كما يقولون في وزارة الخارجية.
وفقاً لبولتن، فإن أي حل يرتكز على أساس الدولتين يقوم على السلطة الفلسطينية، هو حل محكوم عليه بالفشل. فقد قتلت حماس الفكرة، بل إنها ترى أن الأرض المقدسة لا تصلح إلا لبعث واحد فقط. وبدلا من ذلك الحل، فإن علينا أن نفكر في التوجه نحو حل "الدول الثلاث" حيث يتم إرجاع غزة إلى السيطرة المصرية، ويتم إرجاع الضفة الغربية إلى السيادة الأردنية.
هذا التصور الذي يسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية وإغلاق ملفها بشكل نهائي تبعته تصورات أكثر خطورة لتصفية الأردن ككيان سياسي وهوية وطنية وهذه المرة من قبل الكاتب الصهيوني "جدعون عيشت"، الذي كتب مؤخرا في صحيفة يديعوت احرنوت مقالا حمل عنوان" دولة واحدة لثلاثة شعوب" لحل الصراع العربي الإسرائيلي: "يرى المرء ثلاث إمكانيات: الأولى مواصلة الوضع القائم. ما الضير؟ فمنذ أكثر من 40 سنة ونحن نسيطر في المناطق، إذن لماذا لا نقبل بـ 40 سنة أخرى؟ الثانية، هي حل الدولتين للعمل كاديما ميرتس والتي هي خيار "غير إبداعي"، وذلك أيضا بسبب المبنى الائتلافي وكذا بسبب انه لا يوجد شريك حقيقي، ونتنياهو لا يريد الخداع والسير نحو شيء عديم أي أمل.
الثالثة، هي تلك الكامنة في قبو القلعة. دولة واحدة للشعبين. في الصيغة الأصلية توجد هناك ثلاثة شعوب: اليهودي، الفلسطيني والأردني- كلهم تحت حكم واحد.. وهذا موضوع وجهة نظر، أن تكون دولة الأردن هي حقا شيء زائد لا داعي له.
ومن يفكر هكذا يمكنه أن يعود إلى صيغة الدولة الواحدة من العراق وحتى البحر المتوسط. في الإمكانية الثالثة هذه، لا حاجة إلى شريك، فأرض إسرائيل لا تقسم ولا يلحق ألم شديد بالشركاء الائتلافيين من اليمين".
الدولة الأردنية شيء زائد لا داعي له بحسب ما يرى "جدعون عيشت"، وخطورة هذا الطرح أنه يصب في سياق خلق بدائل وتصورات عديدة، بعيداً عن حل الدولتين، وأغلبها يتم الزج بالأردن باعتباره طرفاً يجب أن يتحمل تبعات سياسية، حتى لو أضرت بأمنه الوطني ومصالحه العليا.
الرد على ذلك؟.. أن نتحرك، أردنيين وفلسطينيين، بشكل عملي لدحر هذه التصورات التي تؤكد حقيقة لا تدع مجالا للشك أن الخطة الصهيونية التوسعية سوف تبقى حلما تسعى دولة الاحتلال إلى تحقيقه، رغم كل ما يجري الحديث عنه من سلام مع دولة الاحتلال.
وفي الوقت نفسه على كل القطاعات الحكومية والشعبية التحرك للبرهنة على أن هذه التصورات القديمة الجديدة خطرة، ويجب أخذها على محمل الجد والتعامل بشكل حاسم معها، فهم لا يخجلون من الحديث عن التوسع الصهيوني في المنطقة وتحقيق حلم من الفرات إلى النيل ونحن نذوب خجلاً، إذا عبر احدنا عن امتعاضه من السياسية الصهيونية في المنطقة!

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جهاد المحيسن