ثمة جدل كبير يعصف بالساحة السياسية العراقية، بعد تحركات الحكومة العراقية في المنطقة الخضراء  نحو المصالحة مع حزب البعث الذي كان يحكم العراق قبيل الاحتلال الأميركي له، وهذا الجدل تتداوله الأوساط  السياسية في العراق وخصوصا تلك المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بإيران وتتخوف من احتمال إعادة توحيد الحزب صفوفه وإعادة السيطرة  مرة أخرى على  كل مقاليد السلطة في العراق!
وتلك التخوفات وجدت لها مبررا  في نظرهم من تصريحات بعض قيادات حزب البعث في الخارج فقد كشف صلاح المختار، القيادي في حزب البعث العراقي، عن" مخططات جارية بسرية للإعداد للعودة- البعثيين - إلى الحكم، من خلال ما أسماه بعملية لتحرير العراق"، ويؤكد القيادي صلاح مختار أن " كثيرا من المسؤولين الموجودين في الحكم حاليا، اخرجوا عوائلهم من العراق، خشية من الأحداث المقبلة". موضحا بان البعثيين "سيعملون على إسقاط الحكومة وإقامة حكومة وطنية ائتلافية مع بقية القوى الوطنية!".
ويبدو أن هنالك في الأفق نية لإشراك البعث في الحكم إذ إن  مستشار اللجنة العليا للمصالحة الوطنية سعد المطلبي  يعتقد أن كل حزب سياسي يجب أن يؤمن بالثوابت الوطنية ووحدة العراق وفي الانتقال السلمي للسلطة بما في ذلك (البعثيون)، فإذا أيدوا هذه الثوابت الوطنية وأعلنوا عن موقفهم هذا بشكل صريح فأنا لا أعتقد انه سيكون هناك مانع لمشاركتهم في العملية السياسية وفي السلطة.
وأجرت لجنة المصالحة الوطنية محادثات مع مسؤولين يعيشون خارج العراق ينتمون إلى ما وصفته "بالجناح اليساري" لحزب البعث الذين قال "المطلبي" إنهم انشقوا عن جناح صدام قبل وقت طويل، والمعلوم أن كل المسؤولين والموظفين والعديد من المهنيين كانوا أعضاء في حزب البعث لكن الاحتلال وحكوماته المتعاقبة في العراق أقالوا عشرات الآلاف من أعضاء الحزب من المناصب الحكومية في أعقاب الغزو في خطوة أدت إلى سنوات من التمرد والى نقص في العراقيين المؤهلين لإدارة البلاد.
وما يزال الحزب محظورا في العراق ويحتاج رفع الحظر إلى إجراء جديد يقوم به البرلمان العراقي، فهل ستقدم حكومة المالكي بتلك الخطوة لتمهيد المشاركة في السلطة! في ظل تسريبات إعلامية عن وجود تقارب بين الكتل البرلمانية الكبرى حول إجراء تعديلات على الدستور تعزّز المصالحة الوطنية وتسمح لبعض أجنحة حزب البعث المنشقة بالعودة إلى الحياة السياسية، خصوصا جناح "قيادة قطر العراق"!
وبالرغم من الرفض الذي يبديه الحكيم والمهدي وغيره من أصحاب العمائم المرتبطة بالاحتلال الأميركي والإيراني لمشاركة حزب البعث في الحكومة، الا ان فكرة إحياء حزب البعث تجد قبولا كبيرا لها في المجتمع العراقي وليس هنالك تخوفات يبديها الشارع العراقي من فكرة عودة البعثيين السابقين والأحزاب العلمانية بصفة عامة إلى الحياة السياسية في العراق، بعد ما شهدوا من تدهور للأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية في العراق على يدي أصحاب العمائم الذين قادوا العراق إلى الهاوية، برعاية أميركية وإيرانية.
الدعوة التي أطلقها رئيس الوزراء نوري المالكي لفتح أبواب الحوار مع فصائل المعارضة وفي مقدمتهم البعثيون كانت لها عدة قراءات في الشارع العراقي، ففي الوقت ِالذي أشاد بعض المراقبين بهذه الخطوة ووصفوها بالجريئة، دعا آخرون إلى ضرورةِ التعاملِ بحذر مع المعارضين للعملية السياسية والتأكد من حسن نواياهم، اذ يحذر البعض من ضرورة عدم الانجرار إلى موضوع المصالحة ويذكرون بأخطاء الزعيم عبد الكريم قاسم عندما صفح عن جميع أعدائه وكان بالنهاية أول من قتل على أيديهم!

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جهاد المحيسن