شكل الانفراج في العلاقات السياسية بين بعض الدول العربية المتنافسة على الساحة اللبنانية مدخلا رئيسيا لتحقيق السلم الأهلي في لبنان ويساهم هذا الانفراج  في تحقيق شيء من الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، الذي شهد توترات اجتماعية واغتيالات لشخصيات سياسية وإعلامية، بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، بل إن حدة التوتر الداخلي بلغت ذروتها عندما كاد لبنان أن  يدخل في أتون حرب أهلية جديدة.
لبنان الساحة السياسية الأضعف التي يتم التعبير من خلالها عن علاقات الشد والجذب بين بعض الأنظمة السياسية العربية والغربية، والتي بدورها تعكس بشكل أو بآخر علاقة لبنان والعالم العربي بالمحيط الإقليمي والدولي.
حدة التنافس في المشهد السياسي اللبناني بين بعض الأطراف السياسية العربية، شهدت تقاربا كبيرا بين  تلك الأنظمة المتنافسة في لبنان، ما أدى إلى التخفيف من الضغوط السياسية على الساحة السياسية اللبنانية الداخلية، وبدوره يقلل ذلك من المخاطر التي كانت متوقعة في ظل بقاء التنافس العربي  في لبنان.
الانتخابات التي ستجري في حزيران والتي يرجح أن تسفر عن تشكيل حكومة أخرى موسعة تضم الفصائل المتناحرة، سوف تخضع للشروط الجديدة التي ستعقب هذا التقارب الذي شهد  تحسنا في العلاقات بين سورية والسعودية من جهة وبين الإدارة الأميركية الجديدة ودمشق من جهة ثانية، ما أدى وبشكل مباشر إلى المساهمة  في التخفيف من حدة الصراع السياسي اللبناني الذي غذته التوترات الإقليمية على مدار الأعوام الأربعة الماضية.
وتخوض التحالفات اللبنانية المتنافسة التي وصل الصراع على السلطة فيما بينها إلى شفا حرب أهلية العام الماضي الانتخابات البرلمانية، التي تجري في السابع من حزيران، عبر الدفع بقوائم مرشحين متنوعة في أنحاء الدولة اللبنانية التي كانت آخر مرة أجرت فيها انتخابات عام 2005.
وتسعى حركة 14 آذار التي تناهض السوريين بقيادة سعد الحريري الذي تدعمه العربية السعودية  إلى الدفاع عن أغلبيتها في مواجهة تحالف الثامن من آذار الذي يضم حزب الله المدعوم من إيران وسورية، ولكن نتيجة للتقارب السوري السعودي والسوري الأميركي فان حدة الصراع ستكون اقل وقابلة للتفاوض  بين الفرقاء في حال وصولهم إلى السلطة.
وتشير استطلاعات الرأي العام التي أجريت مؤخرا في لبنان إلى انه من  المتوقع أن تسفر الانتخابات عن أغلبية طفيفة لأي من القائمتين، وإذا استمر مناخ الانفراج الإقليمي سيطرأ تغير في الملامح السياسية للبنان الداخلية،  ومن المتوقع  أن تتزعزع أشكال التحالفات القائمة حاليا في الحياة السياسية اللبنانية وتذهب الترجيحات إلى  اختفائها تماما.
الشاهد على ذلك ارتفاع وتيرة النبرة التصالحية التي صدرت عن زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي كان يمثل جناح الصقور في حركة 14 آذار، ما يعطي مؤشرا مهما على أن الفترة المقبلة ستشهد قدرا أقل من الانقسامات، في ظل مناخ محلي وإقليمي ينطوي على قدر أقل من المواجهة ما يساهم في  تحسن الاستقرار الداخلي للبنان.
تلك الانفراجات وتهاوي التحالفات ربما تخرج لبنان من حالة الاحتقان السياسي الذي كبّد الاقتصاد اللبناني الكثير من الخسائر في سنوات الأربع الماضية.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جهاد المحيسن