مئات المليارات قدمتها دول الاتحاد الاوروبي بدعم وتسهيلات من مؤسسات التمويل الدولية بهدف اعادة الاستقرار لليونان وايرلندا بعد تفاقم الازمة المالية العالمية في هاتين الدولتين الاوروبيتين ، اللافت ان دول الاتحاد الاوروبي التي تتحدث 21 لغة ، وخاضت هذه الدول اكبر حربين عالميتين ، الا ان حماية الاقتصاد الاوروبي والدفاع عن منطقة اليورو والعملة الموحدة دفعا هذه الدول للتحرك الفعال ، حيث تحملت دولها وزر الترهل والتوسع غير المدروس في الانفاق لهاتين الدولتين خلال السنوات الماضية.
وفي مناطق اخرى حول العالم بدءا من امريكا الى اليابان ، قامت تلك الدول بضخ السيولة وخفضت تكاليف الاموال واقترض بعضها من الضرائب المستقبلية وابدعت في انعاش اقتصاداتها او على الاقل وقفت تداعيات الازمة اقتصاديا واجتماعيا ، ويمكن القول ان هذه الدول استطاعت منع المزيد من الانهيارات بعد سلسلة الافلاسات والتعثر لمئات البنوك والشركات المالية والصناعية والخدمية.
وفي المنطقة العربية.. من المحيط الى الخليج التي تشكل منطقة اقتصادية حيوية بطاقة انتاج واستهلاك تتجاوز 300 مليون نسمة واكبر احتياطي نفطي والمعادن النادرة ، غاصت مجموعة من دول المنطقة في عمق الازمة دون ان تنغمس في ادواتها واستثماراتها الوهمية ، بينما تكبدت دول الفائض المالي خسائر باهظة ، ولم تستطع الافلات منها.
الاصعب من ذلك ان الدول الصناعية الاوروبية وتحديدا مجموعة دول السبع لم تكتفً بما الحقته من خسائر ، ولاحقت الصناديق السيادية وسعت لتوظيف ما تبقى منها لمعالجة ازماتها والخروج منها مستفيدة من مليارات البترو - دولار التي استطاعت اعادة البناء لصناديقها حيث ساهمت الارتفاعات المتتالية لاسعار النفط في تهدئة روع صناع القرار المالي والاقتصادي في دول الفائض المالي العربي.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال.. بعد كل هذه التداعيات والخسائر المتتالية سنة بعد سنة وعقد بعد آخر بوسائل مختلفة ، هل استفدنا من مسلسل الازمات واستماتة الغرب في نهب ثروات المنطقة وتوظيفها وفق مصالح الدول الصناعية التي لا تلتفت للاخرين ومصالحهم؟ وهل حان الوقت للنظر الى الاستثمارات الحقيقية الآمنة والمنتجة في الاقتصاد العربي من مشاريع البنية التحتية وصيانة وربط الاقتصاد العربي بين دوله وشعوبه؟.
ان تركيز اصحاب القرار المالي العربي على المنطقة العربية يساهم في زيادة قدرته على استقطاب المزيد من الاستثمارات الاجنبية وزيادة القيمة الاقتصادية والتأثير العربي باعتباره مجموعة تتحدث لغة واحدة ودين واحد وتاريخ مشترك ومستقبل يفترض انه متقارب الاهداف.
وهنا ، هل يمكن لاصحاب القرار المالي والسيادي العربي ان يطلقوا صندوقا لتوظيف قسم من الاموال المتاحة والساعية عن الاستقرار والربح والامان بعيدا عن التجميد والهضم والتنصل من المسؤولية ، واعتماد معايير تجارية واستثمارية ، فالمنطقة العربية سواء النفطية او غير النفطية حافلة بالفرص والامان والاستقرار وفي هذا مصلحة لجميع الاطراف اصحاب المال واصحاب الارض والخبرة ، وهذا هو المطلوب في هذا الوقت.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خالد الزبيدي جريدة الدستور