ليس هنالك أدنى شك أن المستوردين وأصحاب الشركات هم الذين يتحكمون في أرزاق الناس في الأردن. هؤلاء لا يقيمون أدنى اعتبار لا للدولة ولا للمواطن.
بعد أن فشلت الحكومة فشلا ذريعا في كبح جماح الأسعار في شهر رمضان المبارك وغيره من الأشهر، وبعد كل التهليل والتطبيل من قبل المسؤولين بالحديث عن نجاح الأسواق الشعبية، وانخفاض أسعار العديد من المواد الرئيسة فيها، إلاّ أنّ معاينة الواقع في أسعار السلع تثبت عدم صحة ذلك.
جمعية حماية المستهلك قطعت الطريق على كل الادعاءات، التي يرددها المسؤولون عن كبح ارتفاع الأسعار، مما أكسب الجمعية تأثيرا ومصداقية لدى المواطن. ففي حملتها لمقاطعة اللحوم البلدية والحمراء، استطاعت الجمعية الضغط نحو انخفاض أسعار اللحوم أو إبقائها على أسعارها التي سبقت الشهر الفضيل، وأدخل الجمعية باعتبارها طرفاً رئيساً في التأثير على السوق.
وهكذا الحال بالنسبة لنتائج الدراسة التحليلية، التي أجرتها الجمعية الوطنية لحماية المستهلك، على مجموعة من السلع الأساسية، وفقا للبيانات الجمركية لتلك السلع، فقد أظهرت ارتفاعا كبيرا في هوامش الربح لمعظم المستوردات.
بالأرقام، فنّدت جمعية حماية المستهلك الأسعار الموجودة في الأسواق، وحددت مكمن الخطر على المواطن، فنتائج الدراسة تقول بالبنط العريض: إن المستوردين وكبار التجار يتلاعبون بقوت المواطن وان الحكومة لا تمارس أي دور رقابي على هؤلاء التجار.
القائمة التي وضعتها الجمعية تذهب إلى أبعد من الحديث عن أسعار اللحوم الحمراء، التي تزيد نسب الربح فيها على مائة بالمائة. ووضعت الجمعية قائمة بالمواد الغذائية التي يتم التلاعب في أسعارها على حساب المواطن، وتشمل الدجاج المجمد والسكر والحمص الحب والسمك المجمد وحتى الفريكة، وثبت بموجب الأوراق الرسمية، التي قدمها التجار لدائرة الجمارك، ولائحة الأسعار العالمية أن أسعار تلك السلع في الأسواق المحلية غير عادلة، وغير منطقية.
تم تسليم المواطن إلى القطاع الخاص الذي بدأ ينهش جيب المواطن ولحمه من دون أن يكون هنالك احد يراقبه أو يردعه، بعد أن تركت الحكومة "الحبل على الغارب" للتجار والمستوردين، وتخلّت وزارة الصناعة والتجارة عند دورها في حماية المستهلك، ورضيت بالوقوف على الحياد السلبي لصالح التجار عندما تخلت عن ممارسة دورها الرقابي. وتم إلغاء وزارة التموين، وتلاشى دورها في ضبط السوق.
متوالية ارتفاع الأسعار (وما تتضمنه من تغول التجار على المواطنين) يجب طرحها وبقوة على الحكومة، التي فقدت قدرتها التأثيرية على هذا القطاع، وثانيا على المجتمع ذاته وكل مؤسساته من نقابات وأحزاب ومجلس نواب ومؤسسات مجتمع مدني وغيرها من القوى الفاعلة في المجتمع، لأن العبث بقوت الناس واستغلالهم بطريقة بشعة يستدعي تحركا وطنيا، للحد من هذا الجشع لضمان الأمن الاجتماعي الذي يهدده أصحاب شركات ومستوردون.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جهاد المحيسن