يبدو أن مشكلة الوصول إلى المعلومات في الأردن ليست فقط التحدي الأكبر لتنمية المهنية الإعلامية وتجويد المحتوى الإعلامي، وتمكين الإعلام من الاستقصاء والقيام بالوظيفة الرقابية، بل المفارقة أن تجد حتى المؤسسات السيادية في الدولة تعاني من ندرة المعلومات، وتشتكي بمرارة من عوائق تحول دون الوصول إليها، وآخرها الشكوى المريرة من لجان التحقيق النيابية.
في المقابل، يلاحظ تواضع دور وسائل الإعلام خلال شهور الحراك الشعبي وتصاعد موجات الكشف عن قضايا الفساد، في المساهمة في تقديم إضافات نوعية في توفير المعلومات والاستقصاء، وبذل الجهد المهني المتخصص في هذا المجال، وأن تبحث عن وظيفتها الحقيقية كوكالات معلومات تعمل لصالح الناس. وغاب هذا الهاجس عن مؤسسات المجتمع المدني أيضا، كما لم يستفد الجميع من تقنيات المصادر المفتوحة للمعلومات والشبكات المتعددة المصادر.
العالم يتحدث منذ عقد ونصف العقد عن ثراء المصادر المفتوحة للمعلومات، ويردد تجارب غنية عن دور الشبكات المفتوحة في جمع وتوفير المعلومات في كل ما يخطر وما لا يأتي على البال، بل وفي إبداع الأفكار وابتكارها.
تعد تغطية أخبار انفجار مدينة  "أوكلاهوما" في 19  نيسان 1995، نقطة مرجعية ملائمة لرصد بداية المصادر الإعلامية المفتوحة بشكل لافت للانتباه؛ وهو الحدث الذي اعتبر في حينه أسوأ "انفجار إرهابي" على أرض الولايات المتحدة، وقتل فيه 168 شخصاً. وفي الوقت الذي بقيت فيه وسائل الإعلام التقليدية تعاني فقرا واضحا في المعلومات حول الحدث الكبير، استطاعت المواقع الإخبارية على شبكة الإنترنت أن تتحول إلى مصدر مفتوح للمعلومات الإخبارية من خلال انفتاحها على مصادر متعددة وواسعة يمثلها أفراد ومؤسسات أهلية، حيث تم نشر خريطة للمدينة وموقع الانفجار، ورسم مفصل عن الأنواع المختلفة للقنابل المستخدمة في الهجمات، خلال الساعة الأولى من الانفجار. وفي أماكن متعددة على الشبكة، قامت مصادر متنوعة أخرى بوصف مشاهد الحدث، وقام آخرون بالتطوع في كتابة تقارير إخبارية حول التفاصيل، وأخذت مواقع تنشر أسماء الناجين والمستشفيات التي استقبلتهم.
وفي العام 1999، تكرر الأمر بشكل مدهش مع حادث ارتطام طائرة "800 Twa" التي غرقت في المحيط الأطلسي، حيث وفرت مصادر الإنترنت المفتوحة مئات الشهادات حول الحادث، وصلت إلى إثبات ارتطام الطائرة بمنطاد عسكري على الشاطئ. 
كذلك، استفادت عشرات الشركات في مجالات العلوم والتكنولوجيا من معلومات الناس والطلبة من خلال المصدر المفتوح للمعلومات. ولنأخذ على سبيل المثال ظهور نمط من الشركات المتخصصة بالأدوية التي تطرح في كل فترة نداء عبر المصادر المفتوحة لجمع المعلومات، والحلول حول بعض الأمراض والأدوية؛ حيث يتجمع لدى الشركة كم هائل من المعلومات والخبرات والأفكار والتقاليد من مختلف الثقافات من أنحاء العالم.
بدأت المصادر الإعلامية المفتوحة أفقياً تبرز بشكل يعتد به منذ العام 1999، من خلال شبكة "Indy media"؛ وهي مجموعات من الوكالات الإخبارية الداعية إلى إعلام بديل، عبرت عنه بالمقاومة لمنظمة التجارة العالمية، وسط صعود حركة الليبراليين وهجمة السوق الجديدة التي اجتاحت العالم في التسعينيات من القرن الماضي، حيث ساهمت هذه المصادر في إدارة حركة الاحتجاج العالمي، ومارست أدوارا متفوقة في كشف الفساد في أكثر من بلد.
إن الانفجار الهائل في مصادر المعلومات الإعلامية المفتوحة بدأ عهداً جديداً أكثر كثافة وتنوعاً مع مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بفضل الاندماج بين التكنولوجيا والإعلام، حيث ازدادت جاذبية وسائل الإعلام لاستيعاب التكنولوجيا الجديدة من جهة، وازدادت قدرة المنتجات التكنولوجية الجديدة على القيام بالوظائف الإعلامية بكفاءة مدهشة وسهولة. ويبدو ذلك واضحاً في الاندماج الهائل في تطبيقات ومنتجات الأقمار الصناعية، الكوابل، الألياف، الحاسبات، والأجيال المتلاحقة من الهواتف المحمولة. واليوم  في العقد الثاني، يتوفر آلاف التطبيقات الجديدة التي تصب جميعها في ما يسمى "إعادة اختراع الحقيقة".

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  د.باسم الطويسي.   جريدة الغد