يجب التعامل مع قضية الحج كشعيرة دينية يتم فيها احترام قدسيتها والفكرة الأساسية التي وجدت من أجلها وهي فكرة الوحدة!
من الضرورة أن أي إنسان يتمتع بحس وطني ولو على درجة قليلة يرفض بأي شكل من الأشكال العدوان الأميركي أو الإسرائيلي على أي جزء من أجزاء العالم الإسلامي، وينطبق ذلك على جمهورية إيران الإسلامية. وحتى تستطيع إيران كسب الرأي العام الإسلامي إلى صفها للوقوف في وجه هذه التهديدات لابد لها من القيام بخطوات ملموسة على هذا الصعيد.
ليس من باب الحكمة فتح جبهة جديدة في موسم الحج وإرسال رسائل تدعو لتسييسه. فموسم الحج يحمل في أكنافه قدسية يستشعرها كل مسلم بغض النظر عن المذهب الذي ينتمي إليه، وتأسيسا على ذلك لا يفهم في هذا السياق التصريحات التي أدلى بها خامنئي لمجموعة من الحجاج قبل سفرهم والتي يقول فيها إن الحج يجب أن يكون "عرضاً لتصميم الأمة الإسلامية الراسخ على مواجهة محاولات إلحاق الضرر بوحدتها وتقدمها".
الكل متفق على أن الأمة في مجملها تتعرض لهجمة شرسة تسعى إلى استئصالها من الوجود، ولكن مثل هذه الدعوة في موسم الحج تعني خلق توترات في موسم الطاعات الأمر الذي من شأنه أن يهدد سلامة الحجاج.
نحن مع الدعوة لأن يكون موسم الحج موسما يتفاعل فيه المسلمون لبحث أوضاع الأمة والخروج بتصورات عملية يمكن لها أن تساهم في تقوية دورها بين الأمم، لكن هذه الاستفادة تكون عبر الحوار مع من يمكن الاستفادة من وجودهم في موسم الحج، فكيف يمكن "للبراءة من المشركين" أن تحقق ذلك الحوار بحسب ما يدعو الرئيس الإيراني نجاد؟
ليس سرا أن إعلان "البراءة من المشركين" هو شعار ألزم به الخميني حجاج بيت الله الحرام برفعه وترديده في مواسم الحج، من خلال مسيرات أو مظاهرات تتبرأ من المشركين من خلال ترديد هتافات بهذا المعنى، من قبيل: "الموت لأميركا".. "الموت لإسرائيل"؛ باعتبار أن الحج يجب أن يتحول من مجرد فريضة دينية عبادية تقليدية إلى فريضة عبادية وسياسية.
يبدو أن بعض الإخوة في إيران لديهم أزمة في قضية ركن من أركان الإسلام الأساسية ألا وهو ركن الحج إذ إن هنالك ثمة مواقف متباينة منه فقد هاجم إمام الجمعة في مدينة مشهد الإيرانية السعودية، وقال "إن مدينة مشهد يجب أن تكون قبلة المسلمين"، وليس السعودية، أو الحجاز على حد تعبيره!
هل يمكن لمثل هذه الدعوات أن تجد رواجا لها في العالم الإسلامي السني والشيعي منه على حد سواء؟ وهل تساهم في إعطاء انطباعات ايجابية عن إيران في العالم الإسلامي؟ أم أنها تساهم بطريقة مباشرة في تأجيج الخلاف معها مما يخدم المصالح الصهيونية والأميركية؟
الأجدر التعامل مع قضية الحج كشعيرة دينية يتم فيها احترام قدسيتها والفكرة الأساسية التي وجدت من أجلها وهي فكرة الوحدة!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جهاد المحيسن