ليس من باب الصدفة ، ان يطلق اجتماع لجمعية معتمدي سوق رأس المال "وسطاء البورصة" تصريحات أنحت باللوم على بنوك محلية في ارباك سوق الاسهم واضعاف الثقة في واقع ومستقبل الاستثمار في السوق الاردنية ، وفي نفس الاتجاه تماطل بعض البنوك في تقديم قروض ميسرة ومدعومة من قبل المال العام للمستفيدين من المبادرة الملكية "سكن كريم لعيش كريم" عندما رفعت اسعار الفائدة على قروض وتسهيلات قدمت المستفيدين وهم من شرائح اجتماعية فقيرة.

المشكلة الاولى الخاصة بالشركات المساهمة العامة الدرجة اسهمها في بورصة عمان عندما قدمت بنوك تسهيلات وقروضا كبيرة خلال الاعوام 2004 - 2007 بأسعار فائدة مرتفعة ، ومع انفجار الازمة المالية العالمية وانعكاساتها السلبية على الاقتصاد الاردني بخاصة قطاع العقار سارعت البنوك الى التشدد وملاحقة المدينين بدون هوادة ، والقاء الحجز على عدد كبير من الشركات والمتعاملين في السوق الامر الذي هدد حملة الاسهم جراء هذه الحجوزات دون ادنى ذنب لهم ، الامر الذي حول انخفاض تداول الاسهم واسعارها في البورصة ، والحجز على اسهمهم الى قلق افضى الى الاحباط واليأس.

المشكلة الثانية لا تقل اهمية عن الاولى وهي مبالغة بنوك معينة برفع اسعار الفائدة على قروض المستفيدين من المكرمة الملكية "سكن كريم لعيش كريم" التي اطلقها جلالة الملك خلال شهر شباط من العام 2008 لتمكين الفقراء ومحدودي الدخل من تملك مساكن جيدة المواصفات بأقساط معتدلة تعادل بدل الايجار الشهري ، ولتقديم مزايا للمواطنين قدمت الحكومة دعما بمعدل "1,5 الى نقطتين مئويتين" بحيث تساهم في تخفيض قيمة القسط الشهري بحوالي 20" الى "30 دينارا شهريا ، الا ان بعض البنوك استجاب لهذا التخفيض والبعض الآخر امتنع عن ذلك متذرعا بأن هياكل اسعار الفائدة ارتفعت وان هذا الدعم تم امتصاصه ، وقام بتخفيض فترة سداد القرض من 30 الى 25 عاما.

استمرار غالبية البنوك المرخصة بالتشدد في منح الائتمان لكافة الاستخدمات بخاصة للاستثمار ، والعمل بهياكل فائدة مرتفعة على القروض والتسهيلات خلافا للسياسة النقدية التي ينفذها البنك المركزي عندما اكد في اكثر مناسبة على ضرورة عودة البنوك الى سوق القروض والتسهيلات والتيسير على المستثمرين والمتعاملين ، وهذه السياسة قامت باجراءات نقدية مهمة لزيادة السيولة المحلية وتخفيض هياكل الفائدة المصرفية.

الاردن منفتح على الاقتصاد العالمي ويتأثر بالتطورات الاقتصادية والسياسات النقدية ، وفي هذا السياق فان الغالبية العظمى من دول العالم اتجهت الى تخفيض تكاليف الاموال وحث البنوك الى ضخ الاموال في "شرايين" الاقتصاد لتخفيف التكاليف وتحفيز الطلب في الاقتصاد ، وان ما شاهدناه في الاقتصاد الاردني خلال الثلاثين شهرا الماضية كمن يسبح عكس تيار المرحلة الاقتصادية الراهنة ، ويهدد المكاسب الوطنية اقتصاديا واجتماعيا ، والمطلوب من الجهاز المصرفي مواكبة الاقتصاد العالمي ، والعمل بمرونة حقيقية من حيث تخفيض هياكل الفائدة وتقديم التسهيلات بعيدا عن ارهاق المستثمرين والاقتصاد الكلي.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خالد الزبيدي   جريدة الدستور