المعاناة الكبيرة التي نجمت عن ارتفاع الفائدة على القروض والتسهيلات طوال الثلاثة الاعوام الماضية دفعت بالاقتصاد الى ركود اقتربنا معه الى الكساد، وارتفاع الديون غير العاملة التي تجاوزت نسبتها 8% حسب احدث الارقام، وساهمت تكاليف الاموال والتشدد المصرفي في الاطاحة بسوق الاسهم، وفرضت عقبات كبيرة امام قطاعات استثمارية بخاصة الصناعية.

وخلال العامين الماضيين قام البنك المركزي باتخاذ سلسلة قرارات نقدية مهمة منها تخفيض الودائع الالزامية من 10% الى 7%، وخفض الفائدة على ادوات الدينار بهدف تشجيع البنوك للعودة بنشاط الى سوق الاقراض وتخفيض الفائدة على التسهيلات الا ان غالبية البنوك تعاملت بانتقائية في التطبيق وخفضت الفائدة على الودائع وواصلت العمل باسعار فائدة مرتفعة على التسهيلات والقروض، ووسعت الهامش المصرفي الى مستويات غير مقبولة لا تتناسب مع المعايير العالمية.

نحن متيقنون ان السياسة النقدية الحكيمة التي تمارس من قبل البنك المركزي ترمي الى تعزيز الدينار كوعاء ادخاري، وكبح التضخم الذي يهدد قدرة المواطنين الشرائية، والحد من تنامي العجز التجاري في ضوء توسع المستوردات بصورة تهدد الاحتياطي الجاهز من العملات الاجنبية بعد ان انخفض بنسبة 10% اي ما يعادل 1.24 مليار دينار خلال الثلث الاول من العام الحالي، الا ان التوجه نحو التأثير على اسعار الفائدة المقومة بالدينار قد يؤدي الى اضعاف عزيمة المستثمرين الذين يكافحون للخروج من حالة الركود الذي نشهده منذ ثلاث سنوات تقريبا.

ان معالجة التضخم يفترض ان تبدأ بحظر الاقتراض تحت اي ظرف من الظروف بعد ان وصلنا الى حدود غير امنة، وان مواصلة الاقتراض مستندين في ذلك الى زيادة الناتج المحلي الاجمالي المقدر للعام الحالي على سبيل المثال هو امر لايمكن القبول فيه والركون اليه، كما لابد من التوقف عن التعينيات دون هدى واجراء زيادة على الرواتب لتحسين مستويات معيشة المواطنين، والاصح والاجدى اقتصاديا وماليا ونقديا التوجه نحو تخفيض الضريبة العامة على المبيعات بمعدل ثلاث نقاط مئوية بحيث تعود بالمنفعة على المواطنين من ناحية، وتحد من ميل الحكومة للاقتراض بما يحمله من تحديات كبيرة وهي اشبه بكرة ثلج متدحرجة من مرتفع قد لانستطيع صدها او التقليل من نتائجها على المستقبل المنظور.

نأمل ان يكون قرار البنك المركزي الاخير برفع اسعار الفائدة الرئيسة على ادوات الدينار هو قرار وقتي وليس توجها جديدا، فاسعار الفائدة السائدة في السوق المحلية مرتفعة بالمقارنة مع الاسعار السائدة اقليميا ودوليا، فالاردن الذي يتمتع باستقرار سياسي واقتصادي برغم التقلبات والثورات من حولنا جدير بتقديم المزيد والتسهيلات في مقدمتها تكاليف الاموال لاستقطاب المزيد من الاستثمارات الجديدة.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خالد الزبيدي   جريدة الدستور