لم ينقَد الاقتصاد الاردني يوما للمركزية والاشتراكية سياسيا او اقتصاديا واجتماعيا، فقد اعتمد الاقتصاد الحر ورعى المبادرات الفردية، وقام القطاع الخاص بدور ريادي الى جانب القطاع العام في بناء دولة عصرية تقدم الخدمات الاساسية من التعليم والصحة والطرق، وتوفر الامن والعدالة، وفتحت الباب امام استثمارات القطاع الخاص الوطني الذي قام بدور رئيس منذ الاستقلال قبل 65 عاما، فالشركات الكبرى اسسها الرواد منها على سبيل المثال.. الكهرباء ومصفاة البترول والاسمنت والاعلام وغيرها عشرات من الشركات الصناعية والخدمية التي سارت جنبا الى جنب في مسيرة مشهود لها بالتقدم والتفاهم والرعاية والتسامح الذي حمى الشجرة الاردنية المثمرة بقيادة هاشمية لها محبة محليا وحضورٌ اقليميا ودوليا.
قراءة سريعة لمسيرة الاردن خلال ثلاثة العقود الماضية تؤكد بنزاهة ان الاردن وجه سياساته الاقتصادية نحو اتاحة الفرصة كاملة امام القطاع الخاص المحلي والعربي والدولي لأخذ زمام المبادرة في خوض التنمية وقيادتها بما يعود بالمنفعة على الاردن والاردنيين والمستثمرين على قاعدة تشاركية تخدم جميع الاطراف، وتم رسم خط واضح بحيث تنسحب الحكومة والقطاع العام من مرافق الانتاج السلعي والخدمي لصالح القطاع الخاص، وتقوم الحكومة ومؤسساتها المعنية بدور الرقابة والتنظيم للقطاعات الاقتصادية للمحافظة على التوازن الاقتصادي والمالي والاجتماعي، وكانت التجربة جيدة من حيث النتائج، وان الفرص ما زالت قائمة لتعزيز التجربة وتحقيق المزيد من المكاسب.
وفي هذا السياق فان جهود الاردن اثمرت بفتح قطاعات الصناعة والخدمات امام استثمارات القطاع الخاص لاسيما الاتصالات وتقنية المعلومات، وصناعة الاسمنت والتعدين والنقل الجوي، والمالي والمصرفي، فالاقتصاد الاردني اليوم ليس كما في العقود والسنوات الماضية، فهو قاطرة التنمية الاقتصادية، ويمكن القول: إن السنوات القادمة ستشهد مزيدا من التراكمات الايجابية للقطاع الخاص الذي يشكل اكثر من ثلثي الناتج المحلي الاجمالي، بما يحمله ذلك من خيرات لجميع الاطراف؛ من فرص عمل جديدة وصادرات وتعظيم المقبوضات الاجنبية، وهذا يتطلب من جميع الاطراف رعاية هذه الشجرة المثمرة وتحسين الظروف المحيطة بها.
محاولة البعض التشكيك في القطاع الخاص وبعض شركاته وهيئاته وشخصياته، تعتبر بمثابة من يضع العصا في دولاب التنمية، في وقت نحتاج الى تضافر الجهود للسير الى الامام، والافلات من تداعيات الازمات العالمية والاقليمية، اما اولئك الذين نصبوا انفسهم لممارسة كل السلطات وللمعالجات هنا او هناك دون ان يخولهم القانون ذلك عليهم ان يعودوا الى رشدهم، ويتقوا الله في وطنٍ حماهم ووفر لهم الامن والاستقرار وشعب مُجدٍ يكافح للسير الى الامام، فالاردن يستحق منا ان نقدم له الافضل من حاضر ومستقبلٍ لنا وللاجيال القادمة، وعلينا اخذ العبر مما يجري في دول وشعوب شقيقة تعاني الامرين بهدف السير الى الامام وبلوغ الأمن والاستقرار والازدهار.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خالد الزبيدي جريدة الدستور