كما في المرات السابقة يبدو القرار الحكومي براقا ومنتجا نظريا ومع التطبيق والشروط والتعقيدات يفقد القرار اي مضمون او انعكاس حقيقي له على المواطنين والسوق بشكل عام، واحدث هذه القرارات ذلك الصادر عن مجلس الوزراء الذي سمح للتجار بخاصة تجار السيارات تقسيط المركبات المخزنة في البوندد الحكومي او الخاص لمدة تصل الى 24 شهرا، حيث اشترط تقديم التجار كفالة مصرفية على قيمة الجمرك، وتشترط البنوك التي لاتعتمد التيسير نسبة كبيرة من قيمة الكفالة تصل الى 50% من قيمة الكفالة بالاضافة الى رسوم اخرى، اي ان قرار التقسيط لايمكن تنفيذه لارتفاع تكاليفه، وعدم قدرة قطاع تجارة السيارات ايصاله الى المواطنين ومشتري السيارات، اي بشكل او بآخر كما يقال « كأنك يا ابو زيد ما غزيت».

يعاني سوق السيارات المحلي من اختلالات كبيرة بدءا من ارتفاع الرسوم الجمركية وضريبة المبيعات والضريبة الخاصة التي تزيد عن 82% من القيمة الاساسية للسيارات المستوردة، ويضاف اليها رسوم التسجيل لاول مرة، والتجديد السنوي بحيث يشكل تملك السيارة وتشغيلها بندا قاسيا في ميزانية الاسرة، كل ذلك في ضوء تحرير التجارة والانضمام الى الاتفاقيات الدولية التي ازالت الحواجز الجمركية وغير الجمركية امام المستوردات.

وبالعودة الى مجموعة القرارات الجمركية والضريبية الخاصة بالسيارات نجد القرارات الحكومية انحازت الى اصحاب الدخول المرتفعة على حساب الدخول المتوسطة والمتدنية، حيث خفضت الرسوم الجمركية على المركبات الكبيرة والفارهة بمعدلات تفوق تخفيض الرسوم الجمركية على المركبات الصغيرة لاسيما فئة 1500 سي سي فما دون ذلك، والسبب في هذه المحاباة معروف فالشرائح الاجتماعية المتوسطة والمحدودة الدخل اوسع نطاقا بالمقارنة مع الاغنياء.

اما بالنسبة لاستيراد السيارات المستعملة كانت القوانين الناظمة للسوق سابقا تسمح باستيراد هذه السيارات بأقصى خمس سنوات بما في ذلك سنة الصنع، وهذا امر معمول به في معظم دول العالم، والهدف حماية الاقتصاد من دخول مركبات متقادمة الصنع ليستفاد منها بشكل فعال، الا ان الاردن وفي العام الفين قررت الحكومة آنذاك بالسماح باستيراد المركبات بغض النظر عن سنة الصنع، وخلال ثلاث سنوات تحول الاردن الى «كراج كبير للمركبات المهترئة» بما يحمله ذلك من مخاطر على السلامة العامة والبيئة، وضغطت على الاحتياطي الجاهز من العملات الاجنبية من خلال تحويل مئات الملايين من الدولارات سنويا لسداد مستوردات غير كفوءة، وتوريط متوسطي الحال والفقراء في تملك سيارات مرهقة لميزانياتهم وتنغص عيشهم.

الخاسر الاكبر في معادلة استيراد سيارات مهترئة هو المواطن والاقتصاد الكلي، والرابح المؤقت المالية العامة التي استوفت مليارات من دنانير اضافية خلال السنوات العشر الماضية، فالمواطن في آخر اهتمامات المالية، فالجمارك والضرائب والضرائب على الضرائب والنتيجة ارتفاع عجز الموازنة والدين العام الداخلي والخارجي والحبل على الجرار، تقسيط المركبات لمدة عامين لم يستفد منه المواطن، واستيراد سيارات مهترئة مهزلة حان الوقت للتوقف عنها.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خالد الزبيدي   جريدة الدستور