ليس ثمة أدنى شك أن منطقة الخليج العربي ستبقى المنطقة الأكثر سخونة في العالم، نتيجة لعوامل عدة على رأسها الموقع الجغرافي الذي يشكل وجوده أساسا ماديا لكثير من الصراعات والنزاعات التي حدثت والتي يمكن لها أن تحدث في المستقبل، ومن تلك الزاوية أيضا فمنطقة الخليج هي موقع الصراع بين عدد من القوى الإقليمية والعالمية.
لذلك، فإن حجم الدراسات التي تتناول مستقبل منطقة الخليج وأمنها وتستدعي مراجعة دقيقة لطبيعة ما ينشر وأن يؤخذ في الحسبان أن من ينشر هذه الدراسات هم أيضا أطراف في الصراع الدائر في منطقة الخليج ولهم مصالحهم الإستراتيجية وأطماعهم الخاصة في منطقة الخليج، ويسعون لرسم سيناريوهات تتفق ومصالحهم الإقليمية وطموحاتهم التوسعية، وخصوصا إذا كانت هذه الدراسات إسرائيلية المصدر.
وفي هذا السياق المتعلق برسم سيناريوهات لمستقبل الحرب والسلام في الخليج العربي صدرت دراسة حديثة عن معهد دراسات أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب في إسرائيل قام بإعدادها الباحث والخبير في الشؤون الإستراتيجية، والمتخصص في شؤون إيران والخليج العربي "يوئيل جوزينسكي"، وتتناول الدراسة بشكل مفصل سباق التسلح، الذي تشهده منطقة الخليج العربي في ضوء تنامي القوة العسكرية الإيرانية والمخاوف التي تنتاب دول المنطقة من قدرة إيران على الوصول لقدرات عسكرية نووية في المستقبل القريب.
استهل جوزنيسكي دراسته بالإشارة إلى أن منطقة الخليج العربي تشهد في الوقت الحاضر سباقاً غير مسبوق للتسلح، واصفاً إياه بأنها لم تشهد مثله المنطقة من ذي قبل، ثم أشار إلى أن لهذا السباق دوافع أساسية تتمثل في مضي طهران قدماً نحو تنفيذ مشروعها النووي، وإمكانية تحول دول الخليج العربي لدول خط المواجهة الأول مع إيران في أي حرب مستقبلية معها، ولهذا وجدت دول منطقة الخليج ذاتها مضطرة لتعمل على تحسين قدراتها العسكرية التقليدية، إذ طرأ عليها بالفعل تغير ملموس تمثل في تحسين قدراتها الدفاعية، والتدريب على تنفيذ خطط هجومية تطال الأراضي الإيرانية.
وتحدث "يوئيل جوزينسكي" عن توصله من خلال دراسته لنتيجة مفادها أنه وعلى الرغم من سعي دول الخليج العربي إلى شراء المزيد من العتاد العسكري الحديث بمختلف نوعياته، لكنه من غير الممكن المقارنة بين حجم ما تمتلكه إيران وتلك الدول وقدرتها على إدارة حرب حديثة تمتد لفترة من الوقت، وذلك لوجود جملة من الأسباب، على رأسها المعطيات الجيوإستراتيجية والضغوط الداخلية في كل بلد من بلدان الخليج العربي، وتعلق هذه الدول بالقوات الأجنبية للدفاع عنها، وأخيراً بسبب صعوبة التنسيق الأمني والعسكري فيما بينها.
ويشار إلى أن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة أنفقتا الكثير من المال بهدف شراء المزيد من العتاد العسكري، مشيراً إلى أن السعودية على سبيل المثال شهدت في الفترة بين عامي 2001 و2009 زيادة في الإنفاق وصل لنحو 24 بليون دولار بارتفاع بلغ مقداره نحو
65 %.
وأشار جوزينسكي إلى أن الإنفاق العسكري في دولة الإمارات العربية المتحدة زاد بنسبة 700 % حيث زاد من 1.9 بليون دولار إلى 15، 4 بلايين دولار، وذكر أن حجم الإنفاق العسكري في دولتي الكويت والبحرين ارتفع بنسبة 35 %.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جهاد المحيسن