يعد التمويل الميكروي والصغير من اهم القنوات الاستثمارية اقتصاديا واجتماعيا، وتساهم بقوة في معالجة قضايا الفقر والبطالة، الا ان هذا النموذج التنموي لم يحقق النجاح المطلوب في الاقتصاد الاردني لاسباب عديدة في مقدمتها عدم اقدام المتعطلين عن العمل على المشاريع المتناهية الصغر والصغيرة، وارتفاع تكاليف التمويل الذي يتجاوز 22% في بعض الحالات اما في الحالات العادية فان فائدة الاقراض للمشاريع الصغيرة يزيد عن الفائدة المصرفية السائدة في السوق، ونقص الاموال المخصصة لذلك، وتشتت المرجعيات لمساندة المواطنين للدخول في اقامة مشاريعهم الخاصة.

ومن التشوهات الكبرى والعقبات التي تحول دون الانخراط الواسع للمواطنين في المشاريع الصغيرة والميكروية ذلك العدد المتنامي للعمالة الوافدة الذي يساهم في زيادة اعداد المتعطلين عن العمل واستحواذ على قطاعات واسعة من خدمية وزراعية وصناعية، الامر الذي يتطلب جهدا وطنيا واسعا لاغتنام فرص الضمانات المالية الدولية والمنح المخصصة لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتقديم المشورة للمواطنين بما يلبي شروط المانحين الدوليين، من دراسات جدوى وانجاز المعاملات الورقية والالكترونية التي تشكل عائقا في كثير من الطلبات.

نحن بحاجة لمشاريع منتجة ومولدة لفرص العمل وتحسين الدخل والمساهمة في التنمية على طريق بلوغ التنمية المستدامة وتحسين مستويات معيشة المواطنين والارتقاء بنوعية الحياة لاسيما في المحافظات والارياف والبادية باعتبارها المناطق المستهدفة من قبل الجهات المانحة الدوليين، والمطلوب من المؤسسات التنفيذية في القطاعين العام والخاص لاسيما البنوك المرخصة الاقتراب اكثر من احتياجات المواطنين وطاقاتهم في المراحل الاولى على اقل تقدير، والابتعاد عن البحث عن مشاريع صناعية متوسطة لاسيما وان من يستطيع اقامة مشروع متوسط يصل راسماله الى مليون دينار يقوم بتنفيذه قرب العاصمة لارتياد السوق المحلية واسواق التصدير.

كما ان مسألة الانتاج تحتاج لاليات تسويق سواء في الاسواق المحلية او اسواق التصدير، فالحديث عن وجود بيوت خبرة للتصدير غير موجودة عمليا وهي اشبه بمكاتب وشركات للعلاقات العامة بعيدا عن تقديم الخدمات الحقيقية لاصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وان ايجاد حلول لذلك، وان تجميع منتجات المشاريع الصغيرة لتسويقها بيسر يحتاج الى اجراءات منها تأكيد الجودة من ناحية واعداد الوثائق وبيانات السلعة لتسهيل تسويقها وتصديرها في الاسواق المستهدفة، وان اي متابع لحركة التسويق في دول الاقليم يجد قبولا للمنتجات المحلية بشكل لافت، وان تعزيز ذلك يحتاج الى عمليات الترويج وتنظيم المعارض للمنتجات الاردنية.

نحن مقبلون على مرحلة جديدة احد عناوينها اعادة اطلاق المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وان على المؤسسات العامة والبنوك الاعداد لاستثمار الاموال والضمان المتاحة والتي تصل الى 400 الى 500 مليون دولار، يمكن مضاعفتها بعد ثلاث سنوات اذا نجحنا في هذا العمل، وان الاخفاق سيؤدي الى ضياع الفرصة كما في المرات السابقة وهذا ما نخشاه.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خالد الزبيدي   جريدة الدستور