قبل ما يزيد على عام ونصف العام، كتبت مقالاً أحذر فيه من خطر السياحة الصهيونية على الأردن، وأن تلك السياحة في مضمونها تحمل خطرا حقيقيا يتهدد التاريخ والتراث والهوية والوطنية والتاريخية الأردنية العربية الإسلامية.
ومبعث هذا الخطر تتعدد أوجهه، ومن ضمنها ما يسمى السياحة. فقد طالب كبير حاخامات كيان العدو الصهيوني "يونا ميتسغير" بالسماح لسياح يهود بدخول الأراضي الأردنية حاملين أدوات العبادة اليهودية. 
وبحسب ما أعلن مدير عام دائرة الآثار العامة، فإنه منذ 5 أشهر تقريبا، والأردن يخوض معركة بأسلحة صامتة مع إسرائيل. كل المعركة الصامتة كانت، وما تزال، على رقاقات معدنية عمرها 2000 عام كل منها بحجم وسماكة البطاقة الائتمانية، وهي من الرصاص وبعضها من النحاس، واختفت من الأردن حيث تم العثور عليها في أحد الكهوف قبل 5 سنوات، الى أن ظهرت في أواخر العام الماضي في إسرائيل بعد بيعها بالسوق السوداء!
فالمعركة لم تعد معركة دائرة الآثار العامة أو الحكومة وحدها، بل هي معركة الجميع في الأردن والعالم، خصوصا وأن الآثار المسروقة بحسب الخبراء هي "الدليل المادي الوحيد" على وجود جماعة مسيحية في القرن الميلادي الأول، وإحداها تشير إلى ارتباط ولادة المسيح بشجرة النخيل، أو لنقل "بجذع النخلة" طبقا لما ورد في القرآن الكريم. بل تشير الرقاقات المتضمنة إحداها حفرا لوجه رجل ملتح وغير معروف، إلى العام الذي ظهر فيه المسيح أيضا.
وبحسب الوصف الذي قدمه مدير عام دائرة الآثار، فان الرقاقات كتيّبات صغيرة فيها من 5 إلى 15 رقاقة في الكتيّب، وكل منها مقفل من حوافه بمماسك وحلقات معدنية يصعب معها فتحه للاطلاع على ما فيه من عبارات بالآرامية ورموز دينية كتبها أعضاء أول جماعة مسيحية ظهرت مع المسيح قبل 20 قرنا من الزمان.
واستنادا للوثائق المذكورة، والتي حصل عليها الأردن من أحد الخبراء البريطانيين، فإن القطع المهربة والتي تمّ فحصها في لندن، ترتبط بـ"الكتاب المقدس"، وتتألف من نحو سبعين كتابا من الرصاص وعدد من اللفائف والألواح النحاسية التي يعود تاريخها إلى القرن الأول الميلادي، وهي الفترة التي تعرف بـ"المسيحية المبكرة".
سرقة التاريخ الأردني فعل خطير يستوجب تحويله إلى قضية عالمية تعنى بالتاريخ الإنساني بأسره وليس التاريخ الأردني. ويجب علينا أن نتحرك على كل الصعد الدولية لعودة هذا التاريخ المنهوب، حتى ولو وصل الأمر بالدولة الأردنية إلى التلويح بإلغاء معاهدة السلام التي لم تجرّ علينا سوى المزيد من الخسائر. فهل بقي سبب أكبر من ذلك للرد على الوقاحة الصهيونية التي لن تتخلى للحظة واحدة عن مشروعها الهادف إلى سرقة التاريخ وقضم الجغرافيا الأردنية!

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جهاد المحيسن