نتحدث عن الاصلاح ونركز على الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولا نولي الملفات الادارية والاصلاح الاداري في القطاعين العام والخاص الاولوية التي يستحقها، وننسى ان في الادارة الداء والدواء، وان لا مشروع ناجحا او مشروع فاشلا الا بقدر نجاح او فشل الادارة، وان تجربة الاردن وعدد كبير من الدول المتقدمة والناشئة كانت الادارة هي المفتاح الاول للتقدم برغم الفقر او الثراء، ومن الامثلة على ذلك تجارب المشاريع الصغيرة في الصين وكوريا وبنغلادش التي شكلت المحرك الاول في تسريع وتيرة التنمية ومعالجة قضايا الفقر والبطالة والمواكبة في عالم سريع التغيير.
وادى سوء الادارة في اكبر اقتصاد في العالم الى خسائر فادحة في مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية وعدد من الدول الاوروبية التي خسرت قائمة طويلة من الشركات من وورلد كوم، ليمان برذر بنك، ارثر اندرسون وغير ذلك ضمن قائمة الشركات العملاقة وكان القاسم المشترك لتعثرها والافلاس والخروج من السوق سوء الادارة والتمادي على القوانين والاعراف السائدة في صناعة الاعمال من جهة، كما ان دول معروفة تجنبت الوقوع في اتون الازمة المالية العالمية وواصلت التقدم وحافظت على معدلات نمو مدهشة اعترف بها البعيد والقريب من جهة اخرى، ومن هذه الدول الصين والبرازيل والهند وروسيا وكوريا وتركيا التي تقدم نموذجا فريدا وتتجه لاحتلال مرتبة 16 من حيث المساهمة في الاقتصاد العالمي خلال السنوات القادمة.
والاردن الذي يشهد حراكا واسعا لانجاز اصلاح شامل ما زال يعاني من تقلبات غير مفهومة وغير مبررة، فالاردن بمقدراته وقدراته السكانية وموارده الطبيعية حيث يرى البعض انها شحيحة الا ان الدارس يدرك ان لدينا الكثير من الثروات الطبيعية، والموارد البشرية وهي نشطة قادرة على اختصار الوقت وتحقيق الاهداف المرجوة وتحقيق الازدهار والرفاه.
التركيز على الاصلاح الاداري يعتبر اولوية ونحن نتابع اختلالات في ادارة المؤسسات والادارات والشركات، وان سوء الادارة لا يقل تأثيرا عن الفساد، لذلك يمكن ان يؤدي قرار اداري غير مدروس اتخذه مسؤول غير كفؤ الى خسارة كبيرة وتحميل المال العام او شركة عشرات الملايين من الدنانير، واللافت انه يبقى على رأس عمله دون ان ينبس احد ببنت شفة.
هناك قائمة من المخالفات والقرارات الخاطئة تصل حد الخطيئة اقتصاديا وماليا، ومع ذلك نجد من يفند هنا او يدافع عنها هناك دون ان يعي ان المالية العامة تعاني عجزا يتحول الى مديونية متفاقمة بلغت مستويات قياسية، وفي نفس الوقت نجد البعض يتحدث عن امور العامة وكأنها خاصة به او مؤسسته، وسبب هذا السلوك الاداري هو عدم قدرتنا على بناء مؤسسية ادارية محكمة تستند الى القوانين والانظمة، وفي بعض الاحيان يتم تجاوز ابسط القوانين ويتم تداركها بعد ان ازف الوقت.
الاصلاح الاداري يجب ان يتصدر ملفات الاصلاح وهذا تحدٍّ كبير يضاف الى التحديات التي تواجه حركة الاصلاح الشامل الذي نتابعه بشغف لتحقيق تقدم حقيقي.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خالد الزبيدي جريدة الدستور