ثمة ظواهر تستحق الوقوف عندها، فما حدث في مصر استدعى طرح العديد من التساؤلات وخصوصا عن مستقبل العلمانية فيها ودور الحركات الإسلامية في صياغة وجه مصر الجديد؛ فالتحركات التي تقوم بها القوى الإسلامية في مصر، وخاصة جماعة الإخوان والسلفية تشير إلى أن ثمة حضورا كبيرا لهذه القوى يشكل تحديا لمستقبل العلمانية في مصر ويدفع الكثيرين للاعتقاد أن مستقبل مصر سيكون بيد حركات إسلامية جديدة تتجاوز حركة الإخوان المسلمين.
ولم يكن القلق من وصول الحركات الإسلامية إلى السلطة  قلقا مصريا فقط، بل إن الأمر أصبح موضوعا يستحق البحث والتفكير غربيا؛ ففي تقرير صدر مؤخرا عن  صحيفة "الديلى تليغراف" البريطانية، حذر من الانتشار السريع للأحزاب السياسية الإسلامية قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة يزيد المخاوف بشأن هيمنة الحركات الإسلامية الراديكالية على العملية الديمقراطية في مصر، ويذهب التقرير إلى  التأكيد على أن جماعة الإخوان المسلمين أسست شبكة من الأحزاب السياسية في جميع أنحاء البلاد للتغلب على نشطاء الطبقة المتوسطة الذين أطاحوا بنظام مبارك، وتنتقد التليغراف موقف الحركات السياسية الليبرالية التي قادت الاحتجاجات ضد نظام مبارك، مشيرة إلى أن حركة 6 أبريل لا يوجد لديها خطة واضحة لسياسات حزب حتى الآن. وحذر دبلوماسيون من عدم استعداد تلك الحركات، التي أطاحت بنظام مبارك.
ويدعم هذا التحليل أن المرشحين الرئيسيين لمنصب رئيس الجمهورية وعلى الرغم من أنهما من المستقلين، إلا أنهما  بدآ بالتودد للحركات الإسلامية. إذ يرى عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية بأنه لا مفر من الفصائل الإسلامية كحجر الأساس في النظام السياسي. وعلى الرغم من تصريحات قيادة الجيش المصري على أن  مصر لن تتحول إلى إيران أو غزة أخرى إلا أن القوى الإسلامية من إخوان مسلمين وسلفيين  تحظى بتأيد كبير في الشارع المصري في حين ان باقي القوى السياسية العلمانية تتنافس لكسب تأييد ملايين الناخبين المصريين الذين لم يحسموا مواقفهم بعد.
والإسلاميون في وضع أفضل من غيرهم يتيح لهم استثمار الحريات الجديدة ويحشدون صفوفهم من خلال شبكات قائمة منذ فترات طويلة لتتصدر أخبارهم العناوين الرئيسية محليا، ما يثير مخاوف معارضيهم. وتفاقمت المخاوف نتيجة مجموعة من التصرفات أتى بها متشددون، ما دفع الجيش لإعلان أن مصر لن تصبح دولة دينية على غرار إيران. وتواجه حركة الإخوان المسلمين العديد من التحديات في مصر الجديدة. من أهمها المعارضة داخل صفوفها وظهور أحزاب إسلامية جديدة يحتمل أن تكسب تأييد ناخبين كانوا سيصوتون لصالح الجماعة في غياب مثل هذه الأحزاب. وهناك أيضا حزب الوسط الذي أسسه عضو سابق في جماعة الإخوان ويشبه في إيديولوجيته حزب العدالة والتنمية التركي.
إن باقي القوى السياسية ذات الرؤية العلمانية لمستقبل مصر في سباق مع الزمن لتشكيل ائتلاف ينافس الإسلاميين الأكثر تنظيما في الانتخابات البرلمانية في أيلول المقبل والتي سوف تقرر من هي القوى الأكثر حضورا التي ستشكل صورة مصر المستقبل.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جهاد المحيسن