حلل الكثيرون ممن أنصتوا إلى كلمة الرئيس باراك أوباما الأخيرة أنها مجرد دعاية انتخابية انتهز الأخير الوقت لتمريرها إلى الشعب الأميركي، مغتنما ربيع الديمقراطية الذي يجتاح بعض دول الشرق الأوسط، ناسبا جزءا مما يجري إلى سياسة إدارته في هذه الفترة، وما زامنه من إنجاز كبير لإدارته تمثل بمقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن مؤخرا.
لكن رغم اشتمال كلمة الرئيس الأميركي على الكثير من القضايا المشتركة للدول العربية، إلا أن إيران كذلك حظيت بالقدر الكافي الذي يضعها في سلم الأولويات للإدارة الأميركية. فقد ركز الخطاب على مستجدات الأوضاع السياسية وإسقاطات رياح التغيير في المنطقة. إلا أن أغلب المحللين السياسيين وجدوا أن إسرائيل كانت أكثر الدول تضررا من ذلك الخطاب بالشكل الذي لم تتوقعه تل أبيب.فمختلف الأنظمة العربية التي استهدفها أوباما في كلمته الموجهة إلى شعوبها كانت تستشرف أغلب ما تحتويه تلك الكلمة، وهي بشكل أو آخر تتفادى بشكل مستمر الانتقادات الأميركية وتعليقاتها من دون اكتراث لعواقب ما يحدث، خصوصا على صعيد السياسة الداخلية لتلك البلدان، وملفات الحقوق والحريات التي تطالب واشنطن والاتحاد الأوروبي بشكل دوري بمراعاتها، بالرغم من إشارة أوباما إلى تغيير سياسة بلاده تجاه تلك الدول بما يتناسب مع تطلعات شعوبها حسب زعمه. فقد بعث أوباما بسلسلة من الرسائل السياسية التي قد يكون لها صدى في مسعاه العام 2012 للبقاء في البيت الأبيض؛ لكن الرئيس كان لديه جمهور مستهدف آخر.. الناخبون الأميركيون.لذلك، حظيت إيران بحضور كبير في خطاب الرئيس أوباما، في الوقت الذي تتقاذف كل من واشنطن وطهران التهم والتشكيك بالنوايا المعلنة، وحقيقة الدعم السياسي المتوافق لمطالب الشعوب العربية الساعية للتغيير. حيث ترى كل منهما أنها أولى من الأخرى بتبعات ما جرى، أملا بالاستفادة منه قدر الإمكان.  فقد انتقدت إيران الخطاب الذي ألقاه أوباما حول الشرق الأوسط، مؤكدة أنه يعبر عن سياسة "اليأس والتناقضات والتضليل" التي تنتهجها الولايات المتحدة في المنطقة، كما أفاد التلفزيون الرسمي.
فالولايات المتحدة الأميركية قلقة من المحاولات الإيرانية لخطف الثورات الديمقراطية في دول الشرق الأوسط وسعيها لأن تنسب هذه الثورات والانتفاضات لثورتها التي تسميها بالثورة الإسلامية. وبحسب صحيفة الغارديان البريطانية، فإن القلق الأميركي البالغ تجلى في تصريحات وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، التي اتهمت فيها إيران بأنها تحاول سرقة الثورات الديمقراطية في دول الشرق الأوسط، محذرة الدول العربية من التعصب.
فليس من أدنى شك أن إيران تحاول بوضوح استغلال الثورات في المنطقة لخدمة أهدافها ومصالحها، وإثارة الخلافات الحدودية في الوقت الذي تسحق فيه الحركات الإصلاحية داخلها، وليس أدل على ذلك من خطبة علي خامنئي الشهرية عشية انتصار الثورة المصرية، وسكوته المطلق عما يحدث في سورية، وبكاء إيران وأعوانها على الديمقراطية البحرينية والقمع الشديد الذي تواجه به المعارضة داخل إيران!

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جهاد المحيسن