كتب العديد من الزملاء أن من المشاكل التي تواجهها محافظة الطفيلة أن زيتونها التاريخي يحتضر من دون أن تكون هنالك أي حلول أو تصورات جدية لحل تلك الكارثة. وهذا يعيدنا إلى المربع الأول، بأن ما يقال عن أن النية تتجه لتحسين وضع الطفيلة والخروج بحلول للمشاكل التنموية التي تواجهها سيكون في القريب العاجل، وستصبح الطفيلة أرض السمن والعسل. هذا كله حديث لا أساس له على أرض الواقع. ومن الواضح أن كل ذلك مجرد حديث يطلق في وسائل الإعلام لتسكين الناس وامتصاص غضبهم، على اعتبار أن الغضب لحظة عابرة يجري استيعابها، وبذلك يتم إسكات الناس.
ليست المرة الوحيدة التي يطالب بها أصحاب الزيتون في الطفيلة وغيرهم من المحبين والمريدين لتراب هذا الوطن، باتخاذ إجراءات وقائية سريعة للحد من موت أشجار الزيتون الرومي المعمرة، والتي بدأت بالتلاشي نتيجة للجفاف. وزيتون الطفيلة ليس مجرد عشرات الدونمات من الأشجار، وإنما نتحدث عن ثروة وطنية تحتل فيها أشجار الزيتون ما مساحته 32 ألف دونم مربع من مدينة الطفيلة وحدها، فيما تنتشر مساحات واسعة من أشجار الزيتون في مناطق أخرى، يعتمد أغلبها على الري الدائم عن طريق الينابيع بشكل رئيسي.
والحلول ليست دائما صعبة كما يشاع، أو مستحيلة كما يريدها البعض، فثمة اقتراحات قدمها أبناء الطفيلة للحكومات المتعاقبة وغيرها من الجهات التي تصنع القرار، بشأن حلول بسيطة وسريعة لو أُخذ بها من سنوات لما وصل الحال إلى ما هو عليه الآن، ولكن "لقد أسمعت لو ناديت حيا.. ولكن لا حياة لمن تنادي"!
الحل السريع يكمن في أقامة سد "وادي الوادات" الذي سوف يحل المشكلة من جذورها، ويعيد الحياة لزيتون الطفيلة الذي تزيد أعمار أشجاره التاريخية على 700 عام وأكثر. وسوف نسمع من الخبراء الرسميين الحكوميين، إذا ما أرادوا الجواب عن مستقبل زيتون الطفيلة، أن "سد الوادات" لا يمكن له تخزين المياه، وأن الدراسات تشير إلى رخاوة التربة، وبالتالي لا يمكن للسد أن يحتفظ بالماء لفترة طويلة. ونرد عليهم برأي الخبراء من المهندسين الزراعيين والجيولوجيين من أبناء الطفيلة، بأن طبيعة التربة الرخوة ستكون نتائجها أفضل على ينابيع المياه إذا ما تم بناء هذا السد الذي سوف ينقذ زيتون الطفيلة من الموت المحتم.
وإذا صدقنا الرواية الرسمية التي تقول برخاوة التربة، فان تلك الرخاوة ستعيد الحياة للينابيع التي اختفت، والتي كان يزيد عددها على 300 نبع، تقلصت حاليا إلى أقل من 50 نبعا، تسهم في ري البساتين، ومنها بساتين الزيتون.وليس سرا أن شجرة الزيتون المعمرة في الطفيلة باتت في خطر يحدق بها من كل جانب، وآن الأوان للجهات الرسمية في وزارة الزراعة والمياه، أن تتدخل لجهة إنقاذها، من خلال إستراتيجية وطنية تتضمن العديد من الإجراءات والمشروعات الكفيلة بوقف تراجعها وزوالها.
نحن بحاجة لبناء ثقة مع الناس في الطفيلة وغيرها من البلدات والمدن والقرى في هذا الوطن، من شماله إلى جنوبه ومن شرق إلى غربه، بأن هنالك حكومات ودولة وطنية تفكر جديا في الحفاظ على مقدرات هذا الوطن وعلى إرثه الزراعي الذي يعود إلى قرون طويلة خلت!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جهاد المحيسن