الهدف الرئيس للحراك الشعبي المطالبة بالاصلاح ومكافحة الفساد وإشاعة الديمقراطية والتعددية والمشاركة في صناعة القرار في شتى مناحي الحياة بعيدا عن استئثار الحكومات في كل شيء، وتمتين النسيج الاجتماعي للاردنيين، وتحسين مستويات المعيشة للمواطنين، وبلوغ درجة متقدمة في توزيع التنمية وثمارها على المواطنين في كافة المحافظات والارياف والقرى والبادية.
وفي خضم الحراك الشعبي لابد من الانتباه الى ان لدينا مشكلة حقيقية في ترتيب الاولويات الاقتصادية والاستثمارية وانعكاساتها اجتماعيا، اذ لايمكن تحسين مستويات المعيشة دون تحقيق نمو اقتصادي متوازن؛ بحيث يطال جميع المحافظات، وهذا يتطلب اطلاق مشاريع كبيرة ومتوسطة الحجم وصولا الى المشاريع الصغيرة والميكروية " المتناهية الصغر" وتذليل العقبات امام هذه المشاريع من افكار ودراسات وتمويل كاف لهذه المشاريع، وفي هذا السياق فان تركز العملية الاستثمارية في العاصمة والمدن الرئيسة لن يؤدي الى الاهداف الكبرى وبلوغ التنمية المستدامة، وستبقى المعاناة قائمة في ما يتعلق بتوزيع ثمار النمو بعدالة.
الاردن لم يدخل حتى الآن عصر استثمار موارده الطبيعية من صخر زيتي ونحاس ويورانيوم ورمل زجاجي وخامات الاسمنت والرخام والحجر، والزراعة النوعية ذات قيمة مضافة عالية، وان ولوج ذلك يحتاج الى ارادة مشفوعة بعزيمة وسياسات استثمارية مختلفة بعيدا عن التردد السائد منذ عقود ومازال.
وفي ظل ظروف حرجة نجتازها وشعوب المنطقة العربية حري بنا اعادة ترتيب اولوياتنا، فالاردنيون البالغ تعدادهم حسب احدث الارقام نحو 6.25 مليون نسمة قادرون على انجاز هذه المرحلة وتحقيق الاصلاح الشامل، استنادا الى ارتفاع معدلات المتعلمين الذين يقدسون العلم والتعليم باعتباره العامل الحاسم للتقدم وبناء دولة عصرية بكافة المعايير.
وترتيب اولويات المرحلة؛ مواصلة سياسات وبرامج الاصلاح السياسي والاقتصادي الشامل، لبلوغ مستوى نتفق عليه ويلبي المطالب في التقدم اولا، وفي نفس الوقت الانتباه الى ان رفع وتائر التنمية لن يتحقق الا من خلال استثمارات لها قيمة مضافة عالية ثانيا، وان كافة المؤشرات الاقتصادية والاستثمارية تؤكد ان قطاعات الخدمات الاكثر قدرة على توليد المزيد من فرص عمل جديدة ومضاعفة ايرادات المملكة من العملات الصعبة، وانعكاس ذلك ايجابيا على مستوى معيشة المواطنين ونوعية حياتهم.
ان الانتقادات لمسيرة الاصلاح يجب أن تترافق مع العمل والانتاج ومراعاة الاولويات الاستثمارية اذ ان للاردن ميزة وقدرة تنافسية عالية في الاستثمار في التعليم بخاصة التعليم العالي، وقطاع السياحة، والخدمات العلاجية، والخدمات المالية، وقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وهنا تجدر الاشارة الى ان تصدير الكفاءات اقل جدوى من تصدير منتجات وخدمات هذه الكفاءات بالرغم من الحاجة الماسة لتحويلات المغتربين من العملات الصعبة في هذه الفترة.
اعادة ترتيب الاولويات الاستثمارية وتقديم الحكومات التسهيلات والحوافز للقطاعات القادرة على تعزيز المقبوضات وتوليد فرص عمل جديدة، هي الخدمات وان المهمة العاجلة وضع هذا القطاع على رأس اولويات المرحلة.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خالد الزبيدي جريدة الدستور