حسب المعايير العالمية تعتبر القروض والتسهيلات التي لم تدر دخلا على البنك لعدم كفاية المقترض في خدمة دينه مدة 90 يوما تم تمديدها في ظل الازمة المالية العالمية الى 180 يوما، عندها يجب على البنك اعتبارها ديونا او تسهيلاتٍ غير عاملة ( Non-productive debt ) ورفع العلم الاحمر على الحساب غير المنتظم ( Red Flag ) ووقف احتساب الفوائد عليه، ثم البدء بأخذ مخصصات لحماية رأس المال، تلافيا لتسجيل اي ارباح وهمية قد تضعه في مأزق في نهاية السنة المالية او السنوات اللاحقة.
وتشير ارقام حديثة ان الديون غير العاملة قد ارتفعت لمستويات غير آمنة تجاوزت 12% من اجمالي محفظة التسهيلات للجهاز المصرفي الاردني، حيث أسهم تراجع الأوضاع الاقتصادية واهتمام البنوك في زيادة أرباحها بغض النظر عن درجة المخاطر وعدم متابعة البنوك لأوضاع المقترضين والمشروعات التي ينفذونها وعدم دقة الدراسات الائتمانية واعتماد القرار الائتماني على الضمانات أكثر من الاعتماد على جدوى المشروع الممول والتدفقات النقدية وتدخل الإدارات العليا في قرار منح الائتمان خلافا لتوصيات أقسام الائتمان المختصة.
وان ارتفاع الديون غير العاملة يتطلب من إدارات البنوك التريث في توزيع الأرباح لسنوات، وطرح المخصصات من قيمة الديون غير العاملة لتوضيح واقع البنوك لتخفيض نسبة الديون، حتى لايتأثر التصنيف الائتماني للبنوك التي تعاني من هذه الظاهرة.
وفي ضوء تفاقم الديون غير العاملة لابد من إعادة النظر في نظام اسعار الفائدة الذي تطبقها البنوك لتحقيق أرباح تعويضا عن مبالغ الديون غير العاملة، تلافيا لزيادة اعداد المتعثرين وغير القادرين على خدمة ديونهم، وترشيد القرار الائتماني للبنوك التي اتجهت الى خدمات التجزئة على حساب تمويل المشاريع الاستثمارية على اختلاف احجامها، وعلى البنك المركزي الاردني المسؤول عن السياسة النقدية ودوره الرقابي على القطاع في التشدد ومتابعة اداء البنوك المرخصة والتزامها بتعلمياته" والزامها الافصاح عن نتائج اعمالها بشفافية.
ان مواصلة البنوك تسجيل فوائد على قروض وتسهيلات غير عاملة لسنوات وملاحقات ضارة ومضنية تهدد القاعدة الرأسمالية للبنوك وتهدد النسيج الاقتصادي الاجتماعي في البلاد، ويزيد عدد القضايا المرفوعة امام القضاء اذ تبلغ نسبة القضايا الحقوقية والجزائية المرتبطة بالقروض والتسهيلات وعدم الوفاء نحو 90% من اجمالي القضايا المنظورة امام القضاء الى جانب قضايا كامنة قد ترفع النسبة الى مستويات مقلقة في حال تحريكها.
هناك حاجة لدراسة محايدة وفق ارقى المعايير لمعالجة الديون غير العاملة بحيث تسعى لاسترداد مايمكن استراده دون اضرار بالاقتصاد الكلي وربما الاستفادة من تجربة معالجة ديون اليونان التي اعتمدت تخفيض الديون بحوالي النصف، وان هذا يتطلب تضافر جهود كافة القطاعات الحكومية والخاصة للافلات من خطر داهم بينما تواصل البنوك ضغوطها على المتعثرين من جهة وزيادة الاعباء على المتعاملين تحت يافطة التحوط والتشدد التي تلتف الحبل حول عنق الاقتصاد من جهة اخرى.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خالد الزبيدي جريدة الدستور