عندما يعلن مراقب الشركات عن تحويل 16 شركة مساهمة عامة الى النائب العام والتهديد بتحويل 278 شركة اخرى فان ذلك يشير الى ثلاثة احتمالات، الاول ان وزارة الصناعة والتجارة ومراقبة الشركات كانتا نائمتين طوال السنوات الماضية، ولم تطبقا القوانين والانظمة على الشركات، والثاني يشير الى وجود مبالغة تصل حد البطش بالعباد واموالهم من مساهمين بغض النظر عن حجم مساهماتهم في الشركات، والثالث يجمع بين الاول والثاني، الامر الذي اوصلنا الى وضع يرقى الى كارثة تطيح قطاع الاستثمار بخاصة الشركات القائمة ورسم صورة سلبية لواقع استثماري في ظروف غاية في الصعوبة محليا واقليميا ودوليا، وهذا يفرض تحديات من نوع جديد امام الاقتصاد الاردني قد يدفعنا الى الوراء سنوات طوال.
ان اصلاح الشركات المساهمة يبدأ بالتدرج من حيث صيانة القاعدة الرأسمالية من حيث الزيادة او التخفيض او اعادة الهيكلة قبل الوصول الى التصفية الاختيارية او الاجبارية للحفاظ على ما تبقى من حقوق المساهمين، الا ان ارتفاع الوتيرة بمطالبات الشارع في مكافحة الفساد وقطع الطريق امام المفسدين دفعنا للهروب الى الامام في معالجة اوضاع الشركات، وهذا بدا واضحا للمراقبين والمتابعين لاداء الاقتصاد بشكل عام والشركات المساهمة العامة بشكل خاص، وهنا لا بد من الانتباه اننا لسنا في جزيرة معزولة عما يجري من حولنا اقليميا ودوليا، وفي هذا السياق فان الدول الكبرى لم تسلك خط تجريم المتعسرين او المعسرين وقامت بتقديم حلول ناجعة تحافظ على ديمومية معظم الشركات اما بتوفير السيولة او الدمج مع شركات في نفس القطاع وحافظت على فرص العمل او القسم الاكبر منها والامثلة كبيرة في هذا المجال.
المطلوب من الجهات الرقابية اجراء الدراسات المالية والفنية للشركات وتقدم الحلول لها على قاعدة حماية الاقتصاد الذي يضم القطاعات والشركات، اما مسألة التصفية والافلاس فهي نهاية المطاف وليست اولى المعالجات، وان الاصرار على ذلك من حق المساهم والمراقب ان يطرح اسئلة في مقدمتها من هو المسؤول عما حصل؟، ولماذا تأخر الحلول الصعبة «الكي» حتى اليوم؟، وهل هناك مساءلة لمن كان يتابع هذه الشركات وصادق على الميزانيات السنوية لها؟، الى غير ذلك من الاسئلة المهمة، وربما السؤال الاكثر اهمية، هل ما تقوم به مراقبة الشركات يشكل صحوة متأخرة او تقديم الحكمة لنا بأثر رجعي للشركات مسؤولين ومساهمين.
مجموعة التهديدات وتحويل الشركات الى النائب العام تعيد الى الاذهان قرار مراقب الشركات الشهير عندما قام بتحويل صفة شركة مساهمة عامة رأسمالها 74 مليون سهم/ دينارالى شركة مساهمة محدودة المسؤولية، قيمتها السوقية حسب تقييم بيوت خبرة معتمدة ودائرة الاراضي والمساحة بـ 93 مليون دينار خلافا لرغبة 98% من المساهمين بما يحمله من اضرار جسيمة على المساهمين وعلى الشركة والمتعاقدين معها، هذا المثال وغيره يدعوانا الى التدقيق في ما افضى به مراقب الشركات اول امس.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خالد الزبيدي جريدة الدستور