نجح الاردن في بناء قطاع طبي وصحي متميز من حيث البنية التحتية والتجهيزات الطبية وطواقم كفؤة في كافة التخصصات، حيث استطاعت المستشفيات الاردنية المملوكة للقطاع الخاص والاطباء استقطاب المرضى من الدول العربية الشقيقة، لقطاع يعتبر محركا رئيسا من محركات النمو، ويحقق قيمة مضافة عالية نظرا لان مدخلات الخدمات اردنية بنسبة عالية، وان اي مراقب راصد يسجل تطورا نوعيا للقطاع الطبي افقيا ورأسيا.
ان قدرة القطاع الطبي الخاص على النمو وزيادة الربحية والتوسع في استخدامات التقنيات الطبية الحديثة تؤكد سلامة توجهات القائمين عليه، الا ان كافة المستشفيات والمرافق الطبية بلغت حاليا مرحلة الاشغال الكامل في ضوء السمعة المشهود لها للقطاع ككل، واعتدال تكاليف العلاج بالمقارنة مع الاسعار السائدة في معظم دول الاقليم والدول الاجنبية.
وخلال الاشهر الماضية استقطبت المستشفيات الاشقاء في الدول العربية بخاصة من ليبيا التي شهدت قتالا شرسا طال مواطنين والثوار، وكانت المستشفيات الاردنية ملاذا للجرحى والمرضى الليبيين، ويقدر عددهم في هذه الفترة بين 12 و 14 الف جريح ومريض، واكثر من ضعفي العدد من المرافقين، وهذه الاعداد الكبيرة تساهم في زيادة المقبوضات من العملات الصعبة، وتحسن دورة الاقتصاد، الا ان هذا الوضع يرتب على المواطنين اعباء كبيرة في حال طلب المواطنين الخدمات الطبية والصحية من المستشفيات والمرافق الخاصة.
وفي هذا السياق فان المسؤولية الوطنية لمسؤولي المستشفيات يجب ان لا تغيب عن البال لا سيما ان تشييد المستشفيات يهدف بالدرجة الاولى خدمة المواطنين، اذ يشكل هذا القطاع نسبة كبيرة من القطاع الطبي بشقيه الحكومي والخاص، وان اعتماد المواطنين سواء بشكل مباشر او من خلال مظلة التأمين الطبي للمواظفين واسرهم بالتعاون مع شركات التأمين يجب ان يحصل الخدمات المتعادة.
عدد غير قليل من المواطنين اشتكى من عدم قدرة بعض المستشفيات على تلبية خدماتهم، وهنا يطرح سؤال هل يمكن ان يتم تأجيل مريض في تلقي الخدمة المطلوبة؟ وهل معيار الربح هو العامل المحرك الاول لقرارات عدد من المستشفيات الخاصة؟ والجواب الطبيعي والمنطقي ان اي خدمة يكمن تأجيلها باستثناء العلاج بخاصة في الحالات الطارئة وبعض الامراض المزمنة او المستعصية.
هناك قناعة بان نجدة الاشقاء في ليبيا او اي دولة عربية تشهد ظروفا استثنائية واجب قومي وانساني بالاضافة الى المنافع المادية المباشرة التي تعود على القطاع والاقتصاد الكلي، الا ان الاولوية في تقديم الخدمات الطبية يجب ان تلبي متطلبات المواطنين، اذ لا يعقل ان يتم البحث عن علاج المواطنين في دول عربية واجنبية، في وقت استطاع الاردن بناء قطاع طبي وصحي يشار اليه بالبنان، فالمسؤولية الوطنية للقطاع يجب ان تبقى على رأس الاولويات، وهذا هو المطلوب في كافة الاوقات.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خالد الزبيدي جريدة الدستور