مع هطول الامطار وتساقط الثلج تبدأ معاناة المواطنين مع خدمات الاتصالات والانترنت والطرق الرئيسة، علما بان الامطار والثلوج متوقعة في مثل هذه الفترة ويفترض ان تكون الشركات والمؤسسات المعنية بالخدمات والبنى الاساسية قد اعدت العدة للتعامل مع الظروف المناخية والحرص على تقديم الخدمات في العاصمة والمحافظات، الا ان الحالة تتكرر سنويا مع تقديم قائمة طويلة من الاعذار والاسباب، والنتيجة واحدة.
امس مع تساقط الثلوج في عمان ومناطق اخرى بدأت الهواتف المتنقلة بالانقطاع وانخفاض قدرة الانترنت دون اسباب حقيقية، اما الطرقات الرئيسة فقد شهدت ازدحامات غير طبيعية اما مراكز الخدمات من مخابز ومحطات المحروقات فقد غصت بالمواطنين، وهذا يشير الى ضعف المسؤولين والمواطنين في التعامل مع متطلبات الظروف المناخية وتكون النتيجة اختناقات وحوادث مرورية بما يؤدي اشغال الجميع بأمور يفترض ان تكون طبيعية يتعامل معها معظم شعوب الارض بيسر وبدون تأزم.
قبل عدة عقود كانت الظروف المناخية في المملكة اشد قسوة، واكثر كرما مع الارض والناس من حيث معدلات هطول الامطار والثلوج والسيول وكان المواطنون لا يتذمرون، كما ان الخدمات كانت اقل تنوعا وجودة، ومع ذلك استطاع الاردنيون خلال تلك السنوات ان يتعاملوا مع «سلطان» الامطار والثلوج ويتعايشوا معه ويتطلعوا الى موسم خير قادم للزراعة ودون معاناة في شح المياه خلال اشهر الصيف.
تعاقب فصول السنة امر طبيعي وهي نعمة من نعم المولى عز وجل تجدد كافة مناحي الحياة، وان الاردن يقع ضمن اقليم جغرافيا ومناخيا ملائم للحياة دون ارهاق من حيث الاعتدال المناخي، وللاردن شبه خصوصية فريدة من حيث تنوع البيئة من الجبال والطبيعة الخلابة والاودية الى الصحارى، وان هذه النعم لا بد ان نتعامل معها بكفاءة ممزوجة بالشكر والعمل على ادامة حياتنا وفق معايير راقية، وهذا امر حيوي لا سيما ونحن نتابع التغيرات المناخية في العالم والمناطق التي تعاني من استمرار البرد القارص والثلوج والعواصف لاشهر، ومع ذلك نجد الجميع يتعايشون معها ويبذلون جهودا كبيرة لادامة حياتهم والمضي قدما.
خلال الحرب العالمية اطلق الاستراتيجيون مفهوم «الجنرال ثلج» عندما خسر الفوهرر حربه مع العالم بعد ان غزا الاتحاد السوفياتي السابق واعتمد الكرملين سياسة الارض المحروقة واستند الى العواصف الثلجية في مواجهة الالة العسكرية الالمانية التي وقفت على مشارف ستالينغراد وتجسدت هزيمة الرايخ الرابع في تلك المعركة المفصلية لترسم بداية نهاية الحرب، ويمكن القول ان الثلوج والظروف المناخية القاسية والحظ كما يقول الباحثون كانت من رسم نهاية الحرب الكونية الثانية.
التعامل مع الظروف المناخية نعمة ويستطيع الانسان تحويلها الى قيمة مضافة في الانتاج الزراعي وتحصين حياته بتعزيز البنية الاساسية والاتصالات وادارة الحياة من الاسرة الى القرية والمدينة والدولة، وهذا ما نحتاج اليه وعلينا التوقف عن تحميل المسؤولية للمناخ والامطار والثلوج لتقصير مزمن نحن من صنعه.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خالد الزبيدي جريدة الدستور