لا شك أن مرحلة جديدة تتشكل في الأفق، عنوانها رحيل الحكومة وتكليف د. عون
الخصاونة بتشكيل حكومة جديدة؛ وكذلك التغيير الذي طال إدارة جهاز المخابرات
العامة. ولكن يبقى الكثير من الملفات العالقة التي تستدعي الوقوف عندها
ومناقشتها، وتجاوز العقبات الكبيرة التي أسست لها الحكومات المتعاقبة،
والتي تحد من خيارات الرئيس المكلف.
فكما ورد على لسان الخصاونة، فإن
المرحلة خطيرة ودقيقة، وتحتاج إلى تفاهمات عميقة يتفق عليها الجميع للخروج
من عنق الزجاجة. ولذا، فإن الحديث عن حلول سحرية للواقع الحالي يكون ضربا
من الخيال وخطاً في الرمل. كما أن الرئيس المكلف يعرف تماما أنه يسير في
حقل من الألغام، يقتضي التركيز أكثر في خيارات محدودة تماما، لا يستطيع
معها إلا الاتكاء على ما تحمله جعبته، وفريقه الوزاري الذي سوف يكون معه،
من تصورات واقعية لطبيعة المرحلة التي يتفق الجميع على مدى حساسيتها
وخطورتها، خصوصا في ملفي الإصلاح السياسي والاقتصادي اللذين يرتبطان جدليا
بحركة الشارع الذي سئم الحديث عن مبادرات إصلاحية لم ير منها سوى
التصريحات.
مطلوب من الرئيس الخصاونة تقديم ما يقنع الناس بقدرته على
إحداث التغيير المطلوب، وإعادة رسم صورة جديدة للحكومة في أعين الناس بعدما
أصبحت صورتها مشوهة في أعين الكثيرين. وربما تتضح تلك الصورة في شكل
أركان حكومته التي تكون خياراته فيها مختلفة عن خيارات الحكومات السابقة،
وأن تكون أقرب إلى نبض الشارع وحراك الشارع. والشارع كما يعرف الجميع ليس
حركة الإخوان المسلمين وذراعها جبهة العمل الإسلامي.
فالمشهد الحالي
الذي استدعى تغيير الحكومة وتغيير إدارة جهاز المخابرات العامة، يؤكد أن
ثمة معادلات جديدة في الشارع الأردني طرحها ما يعرف بالحراك الشعبي الذي لم
تصمد أمامه حكومة البخيت، ولا سابقتها حكومة الرفاعي، ما يعني أن خيارات
الرئيس ستكون متنوعة ومتناغمة مع نبض الشارع. وهذا التناغم ليس من باب كسب
الشعبية، بل هو جواز السفر للمرور إلى الإصلاحات والتغييرات التي يطالب بها
الجميع. فالرهان على مستقبل الرئيس عون الخصاونة وحكومته سيبقى رهن
الخيارات والبدائل التي يقدمها لجمهور الناس، وقدرته على إطفاء الحرائق
التي اشتعلت هنا أو هناك بفعل هذه الحكومة أو تلك.
في خضم هذا كله، بات
من الواضح أن خيارات الرئيس محدودة والرهانات عليه كبيرة. وأمام هذا الرهان
الكبير، يقف ملف الانتخابات البلدية أمام منعطف مهم ومصيري لمستقبل الرئيس
المكلف، وعليه تبني استنتاجات كثيرة تحدد عنوان المرحلة المقبلة التي نذهب
إلى ما ذهب إليه رئيس الحكومة المكلف بأنها مرحلة حساسة تستدعي من الجميع
الوقوف أمام مسؤوليتهم الوطنية، والانتقال بالإصلاح السياسي الشامل خطوة
إلى الأمام. فالرئيس كُلف في مرحلة تتسم بكثافة المهمات التشريعية، ابتداء
من إعداد قانون الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات وانتهاء بقانون
الانتخاب وقانون المحكمة الدستورية وقانون الأحزاب وإدارة حوار وطني عاجل
حول قانون الانتخاب ليكون توافقيا، كما جاء في خطاب التكليف الملكي للرئيس
الجديد؛ فالمهمة ليست سهلة، والخيارات محدودة!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جهاد المحيسن