رغم أن حكومة الدكتور عون الخصاونة أعلنت مبكرا عن برنامج عملها عبر
التصريحات التي خرجت هنا أو هناك، لكن بشكل عملي فإن كل ما تقدم من تصريحات
سبقت البيان الذي ستنال الحكومة على ضوئه الثقة، يشكل تصريحات تمهيدية
لمرحلة الحصول على هذه الثقة. فبرنامج عمل الحكومة للمرحلة المقبلة تأكد
عبر بيانها الذي قدمته لمجلس النواب، والجميع متفقون على أن هذه المرحلة
تحمل الكثير من القضايا المصيرية التي تتعلق بمستقبل الدولة الأردنية.
ولكن
السمات العامة تشير إلى ولوج من المدخل الرومانسي أكثر من المدخل العملي
في برنامج الحكومة الذي تلاه الرئيس أمام النواب أول من أمس، وهذا بحد ذاته
مؤشر غير مبشر كثيرا للدخول إلى المرحلة الصعبة التي يتحدث عنها الرئيس.
ويبدو أن الرئيس مقتنع أن الخطاب الرومانسي الذي استهل به رحلة حكومته يؤكد
أن المسائل العالقة التي يريد الشارع إجابات عنها سوف تبقى عالقة إلى
إشعار آخر. فالحكومة، بحسب بيان رئيسها "ستتقدم قبل نهاية العام بقانون
هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات، يتولاها أشخاص لا يرقى أدنى شك إلى
مصداقيتهم ونزاهتهم"، موضحا أنها "حجر أساس لإجراء انتخابات نزيهة لا
تشوبها شائبة". وهذا يعيدنا إلى التأكيد أن ما يتحدث عنه الرئيس ليس
بالجديد، فحكومة د. معروف البخيت السابقة كانت قد أنجزت هذا المشروع إلى حد
كبير، ما يعني أن الحكومة الحالية لم تأت بجديد على هذا الصعيد. وينسحب
ذلك على مشروع قانون المحكمة الدستورية، وكذلك على مشروعي قانوني
الانتخابات النيابية والأحزاب السياسية.
إذن، ما الجديد في بيان
الحكومة؟ ربما يرى البعض أن الجديد هو حديث رئيس الوزراء عون الخصاونة عن
أن الحكومة ستنهض بمسؤولياتها الدستورية والأخلاقية في إيجاد حلول لمشاكل
الفقر والبطالة واتساع الهوة بين طبقات المجتمع، وما يتبع ذلك من آفات
اجتماعية وما ينتج عنه من احتقان سياسي. وهذا مربط الفرس الذي يعيد إلى
الأذهان الكثير من الملفات العالقة، والتي تشكل الميزان الذي يزن قدرة
الحكومة على الاستمرار في مهمتها، وأقصد ملفات الفساد وعلى رأسها ملف
"موارد" وملف "سكن كريم"، والباص السريع، وغيرها الكثير، لأن الشارع الذي
فقد الثقة مبكرا بمجلس النواب لن يمهل الحكومة طويلا لكي تأخذ نفسها،
فالمرحلة لا تحتمل التسويف، واستمرار الاستهتار بمشاعر الناس الذين لم
يعودوا يثقون بأحد، خصوصا أن كثيرين يعتقدون أن المؤسسات الرسمية لا تمارس
أي جدية على صعيد مكافحة الفساد والمضي إلى الأمام في الإصلاح السياسي.
دغدغة
المشاعر من خلال الخطاب الحكومي، والتأكيد على أن هنالك الكثير من المشاكل
والقضايا العالقة لا يمكن حلها بالحديث عنها، ومداعبة مشاعر الناس،
والاعتراف بأن الوضع الداخلي صعب ومعقد بسبب الأزمة المالية والاقتصادية،
وأن الكثير من مشاهد الفوضى الحالية على الساحة سببها تزوير الانتخابات
مرتين عامي 2007 و2010.. ألا يكفي!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جهاد المحيسن