حمل الأسبوع الماضي كثيرا من الأحداث غير السارة، التي تؤكد أننا ما نزال نرواح مكاننا. إذ إن الحديث عن الإصلاح السياسي ومحاربة الفساد في طريقه إلى الذهاب أدراج الرياح؛ فقضية بيع شركة الفوسفات و"لملمة" ملفها على عجل من قبل مجلس النواب، الهيئة غير الرقابية، يؤكد أن محاربة الفساد واستعادة مقدرات الوطن، ليستا قضية ذات أهمية تذكر، وأن ما بيع من الشركات الوطنية، ومنها الفوسفات، كان قانونيا بامتياز، ما سيفسح المجال للفلفة جميع القضايا الأخرى!
وطالما أن الذين تم اعتقالهم في الطفيلة لم يكونوا من نشطاء الحراك بحسب تصريحات الناطق الإعلامي للأمن العام، فذلك يعني أننا في وضع لا نحسد عليه. والفساد وبيع مقدرات الوطن يدخلان ضمن هذا السياق الذي يُفقد المواطن إيمانه بمصداقية مؤسسات الدولة، التي يكتشف المواطن فيها أنه مغفل عندما يسمع الحديث عن الإصلاح ومحاربة الفساد، طالما أن الأمور تدار بطريقة تخدم من يسعى إلى إيهام الرأي العام أن ما يحدث في الشارع ليس سوى مشاغبات لا تستحق الوقوف عندها، وأن هيبة الدولة تقتضي الضرب بيد من حديد على من يحاول أن يعكر صفو هذا الحالة المثالية في المجتمع!
المقال لا يتسع للحديث عن كيف أنني، ومعي آخرون، كنت على اتصال للملمة ما حدث في الطفيلة مع شباب الحراك، وللملمة موضوع العاطلين عن العمل وعدم التصعيد. ولكن تقتضي الشجاعة القول إننا اتصلنا مع كل من يملك قرارا لحل الموضوع، ولكن لم يكن هناك أي رد فعل من قبل المسؤولين، بل على العكس ذهبت الأمور الى التصعيد عندما تم اعتقال ناشطين وهم من كانوا يساهمون في حل المشكلة ولم يكونوا طرفا فيها، وعلى عكس التصريحات التي نسمع عنها، والتي تحاول زج العشائر وتوريطها في هذا الموضوع، وهذا تصرف خطير يذكرنا بالشمعة التي تتوهج في لحظة ما قبل الانطفاء.
ما حدث في الطفيلة والفوسفات هرولة سريعة إلى الوراء، في حين أننا نتحدث عن المضي إلى الأمام. ولكن حتى نحافظ على ثقة الدولة في عيون مواطنيها، يجب التعامل بمصداقية وشفافية عالية مع الأحداث، لأن الوضع مأزوم ولا يحتمل التسويف والمماطلة، والروايات التي تنثر هنا وهناك تساهم في زيادة الطين بلة، ولن تقدم أو تؤخر في حقيقة ما يجري على أرض الواقع.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جهاد المحيسن