قراءة سريعة لقرارات الحكومات المتعاقبة حيال استيراد السيارات تظهر ميل الحكومات لزيادة ايرادات المالية العامة دون الالتفات لأية اعتبارات اخرى من هدر الطاقة وحماية البيئة، القرار الاول مطلع العقد الماضي فتح الباب على مصرعية لاستيراد المركبات بغض النظر عن سنة الصنع، وخلال سنوات معدودة تم استيراد مئات الآلاف من مركبات متهالكة يزيد عمر صنعها على 10 - 15 سنة، وادى ذلك الى زيادة كبيرة في عدد السيارات وتبعها او رافقها استيراد قطع غيار جديدة ومستعملة لهذه المركبات، ونزف النظام المالي الاردني مئآت الملايين من الدنانير، ورافق هذا النزيف ارتفاع معدلات الحوادث المرورية، وبروز تشوهات استهلالكية حيث امتصت المركبات وتشغيلها وصيانتها قسما مهما من دخول المواطنين على حساب سلع اساسية وخدمات اخرى.
وقبل القرار السابق تم اجراء تخفيضات على السيارات المستورة بشكل عام وانحاز القرار لصالح المركبات ذات المحركات الكبيرة لاسيما من فئة الجيبات " فور باي فور" الامريكية الصنع والاوروبية التي تستهلك كميات اكبر من البنزين على حساب المركبات الصغيرة الحجم من فئآت الفي سي سي فأقل، علما بأن هذا النوع من المركبات اكثر طلبا من المواطنين، والاقل تلويثا للبيئة، وكانت النتيجة ان شوارع المملكة غصت بأعداد كبيرة من هذه المركبات في دولة دخل معظم المواطنين يتراوح ما بين 350 الى 500 دينار.
ومع الارتفاع العالمي لأسعار المشتقات النفطية اصبح عبئ امتلاك وتشغيل المركبات الكبيرة تحد كبير بعد ان استقر سعر برميل النفط فوق مستوى 100 الى 125 دولارا للبرميل خلال الثلاثين شهرا الماضية، وزاد الامور تعقيدا ارتفاع مستوى تكاليف المعيشة الذي تحول الى غلاء متراكم ارهق العامة واضعف النسيج الاقتصادي للمجتمع، وترجح المؤشرات والدراسات المستقبلية ان اسعار النفط والطاقة بشكل عام تتجه نحو مزيد من الارتفاع لأسباب اقتصادية وضعف الاستقرار الاقليمي والعالمي.
وقبل عامين تم اعفاء غير مدروس لاستيراد المركبات التي تستخدم المحروقات والطاقة الكهربائية " الهايبرد" الأمر الذي تم اعتماد استيراد المركبات الفاخرة وفئة المحركات الكبيرة الحجم، الامر الذي دعا الحكومة لإجراء تقنين هذه الاعفاءات وتم تركيز الحكومة على الايرادات المالية على حساب البيئة واحتياجات غالبية المواطنين في ضوء ضعف قطاع نقل الركاب المبعثر حتى الآن، وسط مطالبات تجار بشمول مركبات " الهايبرد" من الرسوم الجمركية، والسبب معروف اذ يكمن في تحقيق ارباح او تصريف بضائعهم على اقل تقدير.
ان الحكمة تستدعي لدى اتخاذ قرارات جمركية بالنسبة للمركبات مراعاة اولا مصالح السواد من المواطنين، وحماية البيئة، وايرادات المالية العامة، فالاولى ان يتم اعفاء مركبات " الهايبرد" الصغيرة المحرك 1600 سي سي فأقل، وعدم اعفاء المركبات الكبيرة لأنها تستهلك كميات كبيرة من البنزين وهي ذات تكلفة كبيرة تؤثر سلبيا على الرصيد الجاهز من العملات الاجنبية المهدد بالانخفاض، السياسات الجمركية والضريبية لها وظائف مالية واقتصادية واجتماعية وعلينا مراعاتها وهذا ما نأمله.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خالد الزبيدي جريدة الدستور