مدرستان في الحياة الاولى تعتبر الجوهر هو الاساس والثانية التي تنقاد الى الشكل وتعتبره الاهم، معظم الامم والشعوب التي تسنمت المجد اهتمت بالجوهر وقدمته على الشكل منذ الازل لذلك نتذكر ما قيل في عمق ايمان وعبقرية الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حالتين الاولى عندما قدم اليه المرزبان (رسول كسرى) الى المدينة يريد مقابلة امير المؤمنين فأخذ يبحث عن قصر الخلافة وهو في شوق الي رؤية ذلك الرجل الذي اهتزت خوفا منه عروش كسرى وقيصر... فسأل الناس، أين أمير المؤمنين عمر؟ فقالو لاندري ولكنه لعله ذاك النائم تحت الشجرة فلم يصدق فذهب اليه فإذا به عمر رضي الله عنه قد افترش الأرض والتحف السماء وعليه بردته القديمه، فوقف المرزبان مشدوها مستغربا وقال قولته المشهوره : حَكَمت ... فعَدلت ... فأمِنت ... فنِمت ... ياعمر، والثانية عندما قدم من المدينة المنورة الى بيت المقدس لتسلم مفاتيح القدس كان يسير ماشيا وخادمه يركب الراحلة.

وفي الحالتين كان الجوهر يتقدم على الشكل فالاساس سلامة الحكم والمحافظة عليه والثانية فتح بيت المقدس بدون اراقة الدماء، اما في ايامنا هذه نجد من يغلب الشكل على الجوهر، فالقوانين الناظمة للاقتصاد والاستثمار تركز على المواد والبنود ولا تبالي في التطبيق الذي غالبا ما يعيق التقدم، فالقوانين والتشريعات التي اقرت خلال السنوات الماضية بدءا من دستور 1952 وتعديلاته تعتبر اكثر من جيدة الا ان التطبيقات كانت تنحرف كثيرا عنها نصا وروحا، وهنا نقدم المادة السادسة من الدستور التي تنص « الاردنيون امام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق او اللغة او الدين»، وفي التطبيق نجد الامور مختلفة بعيدا عن نصوص وروح هذه المادة من الدستور، اي اننا في ذلك نكون قد انحزنا الى الشكل وقدمناه على الجوهر.

تطبيقات بعض مواد قانون الشركات... كمن سكت دهرا ونطق كفرا، وسوقنا الحكمة بأثر رجعي وافلت المتمادي، واقمنا الحد على غيره، وهذا ما نتابعه في تطبيقات «معالجات» عدد كبير من الشركات المساهمة العامة التي يعيش من وراء رؤوس اموالها او العمل في انشطتها مئات الالاف من المواطنين، ومعالجات العجوز المالية والمديونية وهياكل اسعار الفائدة وغير ذلك الكثير .وفي هذا السياق نجد مشروع قانون الانتخاب الاخير الذي احيل الى مجلس النواب بادرت قوى وفعاليات سياسية وحزبية الى رفضه حتى قبل ان تقوم بدراسته بشكل عميق واطلقت تهديدات مبطنة، ولم تلتفت الى المنظومة الكاملة لعملية الاقتراع من الهيئة المستقلة للاشراف على الانتخابات المقبلة، والنظام الانتخابي، ووضع تدابير لضمان نزاهتها، فالقانون اداة والتطبيق الفعال هو الضامن وهو الجوهر الذي تم اهماله عن عمد، مرة اخرى الجوهر هو الاساس.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خالد الزبيدي   جريدة الدستور