يبدو أنه قد بدأ الرضوخ مبكرا لوصفات صندوق النقد الدولي، علماً أن جزءا كبيرا من الواقع الاقتصادي الذي وصلنا إليه اليوم يعود إلى تلك الوصفات التي كلفت الأردن الكثير من التبعات السياسية والاقتصادية.
قبل أيام قليلة، قدم صندوق النقد الدولي وصفته السحرية، دون أن تدقق الحكومة في خطورة الموقف على الصعيد الاجتماعي، خصوصا أن الظروف لا تسمح بتحميل المواطن أي نفقات جديدة. وينطبق ذلك خصوصاً على الاقتراحات التي قدمها الصندوق فيما يخص المشتقات النفطية وأسعار الكهرباء. لكن، في ظل هذا الوضع الذي لا نحسد عليه، ما هي فرص إيجاد بدائل وحلول للواقع الاقتصادي المتأزم؟ في الأفق، يبدو أنه لا تلوح أي بوادر للحل، ومن ثم ما هي البدائل؟
قد يكون من الصعب معرفة ما هي طبيعة البدائل لحل مشكلة المشتقات النفطية، لكن للكهرباء حلولا أسهل بكثير من مشكلة المشتقات النفطية. فنحن بلد يمتاز بسطوع الشمس على مدار السنة، بالإضافة إلى هبوب الرياح الشرقية بشكل متواصل، ما يستدعي استغلال طاقة الرياح والشمس لحل مشكلة الكهرباء. وكان الأجدر بالحكومة البحث عن بدائل لحل مشكلة الطاقة منذ تعرض خط الغاز القادم من مصر للتفجير أول مرة، ولكنه فُجّر 14 مرة ولم نعرف لغاية الآن ما هي البدائل التي تتحدث عنها الحكومة!
البدائل الطبيعية الوطنية (طاقة الرياح والطاقة الشمسية) عندما يجري الحديث عنها وإيجاد طريقة حقيقية لاستغلالها تصبح أكثر إقناعا للمواطن من تأكيدات وزير الصناعة والتجارة/ وزيرالمالية بالوكالة سامي قموه عندما يتحدث عن ضرورة إعادة النظر في تسعيرة المشتقات النفطية وفقا للمعطيات الحالية، مع الحفاظ على حماية ذوي الدخل المحدود، ومشددا على أنه لن يتم المساس بسعر أسطوانة الغاز!
وعن الإجراءات الحكومية للتعامل مع الوضع القائم فيما يخص أزمة الطاقة، نتفق مع الوزير بأن "الأوقات الصعبة تحتاج إلى قرارات صعبة"، وبالتالي فإن الحكومة بدأت إجراءات فعلية للتعامل مع الأزمة من خلال ترشيد الاستهلاك، لكن ما هي الكلف التي سوف يتحملها المواطن نتيجة لهذه القرارت الصعبة؟ وما هي ردود الأفعال على اتخاذ مثل هذه القرارات؟
كان من الأجدر بمن يفاوض صندوق النقد الدولي أن يتحدث عن طبيعة الأزمة الاقتصادية وتأثيراتها السلبية على الناس، وأن طبيعة الواقع المعيشي للمواطن العادي -على اعتبار أنه لم تعد هنالك طبقة وسطى- لا تحتمل أي زيادة في الأسعار. وكان من المفترض الحديث أيضا عن أن السلم الاجتماعي يتهدد في حال قبلنا بتلك الوصفات السحرية. لكن، يبدو أن كل هذه المحاذير لم تأخذ الحيز الكافي في المفاوضات، كما أن "الصندوق" ليس معنياً بشكل كبير بالسلم.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جهاد المحيسن