في عزاء والدة السفير محمد الداودية، قبل يوم من إعلان الملك قراره برد قانون الانتخاب، كان الرهان سيد الموقف في أن ضرورة المرحلة تقتضي رد القانون من قبل الملك وإعادة صياغة قانون يحقق طموح الناس. من ضمن الموجودين كان النائب عبدالرحمن الحناقطة، الذي صوت ضد صيغة القانون الذي مرر إلى مجلس الأعيان الذي بدوره  رفعه الى الملك بصورته التي لم يرض عنها.
في خضم الحديث والرهان الناجح بين اغلب المعزين على أن الملك سوف يعدل المسار، جرت دعابة على لسان النائب الحناقطة يقول فيها: إنه في حالة عودة القانون فإنه والاربعة والعشرين الآخرين الذين صوتوا ضد القانون، سوف يصوتون بعكس ما ذهبت إليه الأغلبية التي مررته، أي أنهم غير ملزمين بقرارات باقي المجلس.
أي أنهم قرروا مسبقا الخروج والتخلي عن لعب دور الكومبارس الذي لعبه المجلس في كثير من القضايا المصيرية المتعلقة بمستقبل البلد. ومن المتعارف عليه بين الناس ان المصطلحات الدارجة تمنح الموضوع موجزا للبيان يمتد الى عمق وظيفة المصطلح ومهنيته في المقاصد، إن كان المصطلح مهني الصفة والدلالة.
 ولعل لفظ (كومبارس) يعني في المقاصد مهنية ذلك النوع من النشاط حيث ينشط دور (الكومبارس النيابي) هذه الأيام، وعندما ينشط الكومبارس على خشبة المسرح السياسي فإن ذلك يعني أن المسرحية على وشك البدء وأن شخوصها يستعدون في غرفة بعيدة عن المسرح لاستكمال آخر درس في سيناريو المسرحية، كما يتم إعداد ماكياج وجوههم واكسسوارات ملابسهم بما يتناسب وأدوارهم.
 لقد شاهد المواطن الأردني حشدا كبيرا من الكومبارس النيابي وباقي أعضاء الفرقة من إعلاميين ومثقفين وحكوميين في الأيام الماضية وقبلها، لتمرير القانون والمبالغة في ممارسة الدور الكومبارسي، حتى شهدنا أحذية تتطاير خروجا على النص المتفق عليه، وهذا الخروج لم يكن عبثيا كما تقتضي طبيعة المسرح العبثي، لكنه خروج يتفق وطبيعة النص المطلوب حفظه وتكراره اصلا؛ لكن انفعالات الممثلين يكون لها ما يبررها عندما يريد المخرج أن ينهي عمله بمزيد من الإثارة لجمهور النظارة، حتى لا يصابوا بالملل والسآمة من رداءة النص ورداءة المخرج ورداءة الممثلين!
يمتلك المجلس بشقيه الأعيان والنوب الفرصة التاريخية الوحيدة في عمره غير الطويل، وأن يقول كلمته ويعدل المسار الخاطئ الذي رضي عنه وشرع له، وبيده القدرة على الخروج من مأزق الكومبارس الذي وضع نفسه فيه، ليكون مخرجا حقيقيا وصانعا للحبكة الرئيسية في مستقبل البلد السياسي والديمقراطي، وهذا يكون في حالة اتخاذه قرارا وطنيا ينسجم ومعطيات الواقع الجديد الذي فرضه الشارع واستجاب له الملك، ويتخلى عن دوره في البقاء مرهوناً للعب دور الكومبارس السياسي في مرحلة تغيرت فيها معطيات المشهد الذي يمثله، وعندما يدرك هذا المنعطف فإنه سيفكر بشكل مستقل بعيدا عن حسابات المخرج.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جهاد المحيسن