المؤشرات التي تتحدث عن تردي الأوضاع السياسية عندنا، والترويج الزائف لأفكار الإصلاح التي قبرت مبكرا قبل ولادتها، ليس بالضرورة أن نجد تعبيراتها في السياسة وحدها، بل يمكن قراءة المشهد في كل التفاصيل على الأرض، وهذا مالا يمكن رصده وتحليله للخروج باستنتاجات عن عمق المأساة التي نعيشها.
وهذا مؤشر على أن ثمة خللا يعتري كل مكامن ومفاصل الدولة، فهي ليست مقتنعة بقصة الإصلاح، وتتخبط في الملفات الاقتصادية وتتخبط في الملف السوري الشائك الذي سيكلفنا الكثير لو حاولنا التدخل فيه بحسب ما يريد الأميركان ومن لف لفهم من العرب، وتعتقد بعض أعمدتها أن الامور تسير على أحسن ما يرام، ولكن واقع الحال يقول عكس ذلك.
ولن نذهب بعيدا في التحليل السياسي والاقتصادي ولكن سنشير إلى بعض هذه الظواهر التي تؤكد أن المشهد يتجلى في تعبيرات أخرى غير سياسية أو اقتصادية، مثلا كنا نتغنى بأن عمان من أجمل المدن وأنظفها على الاطلاق، وهذه حقيقة عن عمان بعد أن زرنا العديد من العواصم العربية وقارنا واقع عمان بتلك العواصم.
ولكن منذ فترة وجيزة بدأ المشهد الجميل والنظيف لعمان يتحول شيئا فشيئا الى مزيد من الإهمال، وتركت الشوارع تضج وتعج بالنفايات. نعم نحن كمواطنين نتحمل جزءا من المسؤولية، ولكن عندما تصبح "كومة الزبالة" أكبر من الحاوية ذاتها يكون هنالك خلل تتحمل مسؤوليته أمانة عمان، والحالة بالمناسبة ليست عمانية في المشهد "الزبالي" بل تتعداها الى إربد والمفرق وغيرهما من المناطق.
لفت انتباهي قصة الخط الأحمر، فالكل يتحدث عن الخط الأحمر مثلا، وبعيدا أيضا عن السياسة يقول أمين عمان المهندس عبدالحليم الكيلاني في  لقاء مع مديري المناطق والدوائر البيئية إن نظافة مدينة عمان هي خط أحمر، لا يمكن التهاون معه، وإن الأمانة تقف على مسافة واحدة من جميع مناطقها في الخدمات التي تقدمها خاصة فيما يتعلق بقطاع البيئة والنظافة بالعاصمة.
وفي تصريحات أخرى عن الخطوط الحمراء أكد وزير الصحة الدكتور عبد اللطيف وريكات أن فرق الوزارة والمؤسسة العامة للغذاء والدواء تعمل ليلا ونهارا خلال الشهر الفضيل للتفتيش والرقابة على جميع أنواع الأطعمة والأشربة لضمان عدم وجود أي تجاوزات أو خروقات، وشدد على أنه لن يتم التساهل مع أي مخالف وسيتم إغلاق أي منشأة تثبت مخالفتها لشروط السلامة العامة؛ فالهدف الأول توفير الغذاء الآمن والصحي للمواطن وإننا لن نقبل بتدخلات أو وساطات.
 ويقول الوزير إنه تمت مخاطبة إدارات المطاعم الرئيسية بأميركا وبريطانيا، بضرورة التأكيد على فروعها في الأردن، بالالتزام بشروط الصحة والسلامة الغذائية والمحافظة على العلامة التجارية، حيث إنه لا فرق بين المواطن الأردني والأميركي أو الأوروبي في موضوع سلامة الغذاء!
هذه الجمل التي نثرناها على الورق تؤكد أننا لسنا في حال حسن على الإطلاق بل نحن في أسوأ الأحوال، وليس هنالك أية ضرورة للبحث "ووجع " الرأس الزائد لنكتشف أن الوضع ليس مبشرا على كل الأصعدة !

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جهاد المحيسن