اطلقت دول مجموعة الثماني اول من امس برنامجا معدلا لمساعدة خمسة بلدان عربية في الوصول الى الاسواق المالية من اجل تسريع وتيرة التنمية، بحيث تشكل «مصدرا اضافيا للتمويل يكمل «الالتزامات» القائمة» حيال الاردن ومصر وليبيا والمغرب وتونس من اجل تسريع النمو وفتح ابواب لاستثمارات محتملة في المنطقة»، الا ان المجموعة لم تحدد نوع المساعدات وتكاليف الاموال وآجال سدادها، وهذا الاعلان يأتي في اطار اجتماعات شراكة دوفيل خلال عام مضى دون ان تسفر عن انجاز حقيقي، في ظل ظروف سياسية واقتصادية شديدة التغير على المستوى الاقليمي.
الهدف الرئيس لشراكة دوفيل كما اعلن خلال ايار من العام الماضي مساعدة الانتقال السياسي والاقتصادي في خمس دول عربية، وتشارك في هذه المبادرة اربع دول خليجية عربية وتركيا الى جانب عدد من المؤسسات الدولية من بينها صندوق النقد والبنك الدولي والبنك الاوروبي لاعادة الاعمار والتنمية، وبالعودة الى واقع الدول الخمس نجد ان ثلاثا منها تونس ومصر وليبيا تم انجاز المرحلة الرئيسة المتمثلة في تغير النظم السياسية والاطاحة برموز الاستبداد فيها، الا ان الانتقال الى مرحلة افضل مازالت مكانك راوح، اما في الاردن والمغرب فان الاستقرار يسير جنبا الى جانب مسيرة الاصلاح والتحديث، ويبقى الملف الاقتصادي التحدي الكبير الذي يواجه البلدين.
اقحام ليبيا ضمن مجموعة الدول الخمس يطرح اسئلة مثيرة اهمها... هل تحتاج ليبيا الى القروض والمنح والمساعدات علما بأن ايرادات ليبيا النفطية تناهز المليار دولار اسبوعيا؟، يضاف اليها عشرات المليارات من الدولارات هي ارصدة ليبية مجمدة في البنوك الغربية، وهذا يطرح مخاوف بان شراكة دوفيل قد تكون بمثابة قفزة في الهواء اذا لم تترجم على شكل مساعدات ومنح اولا، وقروض ميسرة بتكاليف اموال واجال سداد طويلة تساهم في تسريع وتائر التنمية وليس فقط رفع مديونية الدول المستفيدة من هذه القروض.
العجوز المالية والمديونية الخارجية والداخلية للاردن بلغت مستويات خطرة، كما ان معدلات الفقر والبطالة في مصر والاردن وتونس والمغرب تعتبر من الاختلالات المزمنة، وفي هذا السياق فان اقتراض المزيد من الاموال قد يعيد شعوبها الى الوراء ويعقد مسيرة الاصلاح فيها لاسيما في هذه المرحلة بالذات، وان محاولة البعض تسويق الاصلاح ومكافحة الفساد انه سيرتب تكاليف اضافية على موازنات تلك الدول، فان الاصلاح شيء وان استرضاء الشعوب بأموال تثقل مستقبلهم لا يخدم الاصلاح الحقيقي المأمول.
ان المراقبين وهم يتابعون مبادرة شراكة دوفيل يفضلون مبادرة دولية وفق معايير قريبة من مشروع مارشال الذي ساهم بفعالية في اعادة بناء اليابان واوروبا «بعد حرب عالمية مدمرة» في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وان اي منح وهبات وقروض لا تنفق لغايات تحسين مستويات معيشة شعوب المنطقة والارتقاء بالبنى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لن تصب في مصلحة مستقبل المنطقة وشعوبها.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خالد الزبيدي جريدة الدستور