« بسرور» يتابع المراقب للأرقام الأولية لخلاصة الموازنة العامة للحكومة عن شهري كانون الثاني وشباط الماضيين حيث تظهر تحسنا في الايرادات وانخفاضَ النفقات بشكل لافت بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، حيث ارتفعت الايرادات المحلية الى 720.1 مليون دينار بزيادة قدرها 132.2 مليون دينار، بينما انخفض اجمالي الانفاق بمقدار 32 مليون دينار، وبذلك انخفض عجز الموازنة قبل المساعدات بحوالي 164.2 مليون دينار وبلغ ( 39.8) مليون دينار في نهاية شباط الماضي، أما رصيد الدين العام فقد ارتفع حيث اقترضت الحكومة 519 مليونَ دينارٍ اي بمعدل 259.5 مليون دينار شهريا، وهو رقم قياسي.

هذا السرور هل هو حقيقي او يخالف الواقع المالي في البلاد؟ ويقينا ان هذه الانجازات اغفلت عن عمد مجموعة من المعطيات المالية في مقدمتها ان الموازنة تعاملت خلال شهري 1/2 الماضيين بالانفاق (1 من 12 ) لعدم اقرار الموازنة لتلك الفترة، كما ان نحو 65 مليون دينار ايرادات تم تحصيلها في نهاية العام الماضي لم تدرج في موازنة العام 2011 وسجلت في العام الجديد، كما لم تصرف الحكومة مستحقات المقاولين وغيرهم، ولم تدفع زيادة رواتب المعلمين وزيادة رواتب المتقاعدين العسكريين، ولم تتضمن نفقات الموازنة للشهرين (1و2) مخصصات الدعم للقمح والاعلاف والغاز وفروقات اسعار المحروقات، كما خفضت الانفاق الرأسمالي، وهذه الارقام ستدفعها الحكومة بأثر رجعي ضمن موازنة الدولة للعام المالي الحالي، اي ان ما تم اعتباره وفرا وانجازا ستدفعه لاحقا.

وفي ضوء ما ورد اعلاه... اين التحسن في المالية العامة؟ واين الشفافية والدقة في تقديم المعلومات للعامة والمراقبين والمهتمين في المالية والاقتصاد، اذ تشير معظم المعطيات ان اسعار النفط في الاسواق الدولية التي تتحرك في نطاق ما بين 115 - 125 دولارا لبرميل «مزيج برنت» وهو المعتمد في التسعير ولغايات احتساب كلف دعم المحروقات وتوليد الطاقة الكهربائية، وان ارتفاع سعر برميل النفط بمقدار دولار واحد عن سعر الاساس في الموازنة للعام 2012 المقدر بـ 100 دولار يرتب 25 مليون دينار سنويا على الموازنة، اي ان حصيلة الدعم للعام الحالي تتراوح ما بين 600 الى 700 مليون دولار وهذا من واقع تقديرات الحكومة ومعدل اسعار النفط في الأسواق الدولية للربع الأول من العام الحالي.

تقديم معلومات وارقام مالية لاتعكس الواقع المالي والتحديات التي نواجهها؛ ستتحول الى ارقام صعبة في نهاية العام وقد تدفع العجز الحقيقي للموازنة الى رقم قياسي جديد متجاوزا الرقم التاريخي للعجز المسجل في موازنة العام 2009 عندما بلغ 1509 ملايين دينار، وهذا العجز سيرفع رصيد الدين العام ( الداخلي والخارجي ) فوق مستوى 23 مليار دولار ويضعنا في وضع صعب يضعف قدرتنا على استقطاب المنح والقروض الميسرة، وهذا تحدٍ يضاف الى تحديات كبرى لابد من التفكير جديا في التعامل معها وليس تجاهلها او ترحيلها لسنوات مقبلة.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خالد الزبيدي   جريدة الدستور