هذا المصطلح الجديد "المتسلطون الجدد"، يستخلص حالة الحريات في العالم. والمصطلح ورد في التقرير السنوي لمؤسسة "بيت الحرية" (Freedom House)، ولا مجال للشك في أن حركة الشارع في العالم العربي هي التي أدت إلى تحقيق مكاسب مهمة وواسعة على صعيد الحريات في عالمنا الذي مني بسنوات طويلة من سياسة الكبت وتكميم الأفواه ومصادرة الحريات العامة.
رغم ذلك كله، إلا أن الحال تغيرت على نحو ملحوظ، رغم كل ما يعتري مسيرة الديمقراطية والحريات في العالم العربي من انتكاسات. فالتقرير السنوي لمؤسسة بيت الحرية عن "حالة الحرية في العالم 2013"، يؤكد أن حركة الشارع المطالبة بالتغيير قد شهدت في عدد من المناطق انتكاسات، كان السبب الرئيس وراءها تشدد ودهاء الأنظمة المستبدة في طريقة تعاطيها مع تلك الحركات الإصلاحية.
وبحسب "أرش بودينجتون"، نائب رئيس قسم الأبحاث في المؤسسة، فإن النتائج التي تم التوصل إليها "تشير إلى أن هناك تطورا متزايد لما يسمى بالمتسلطين الجدد"، الذين يتمتعون بالمرونة، ويسيئون استخدام الإطار التشريعي للدولة لدعم حكمهم، ولديهم مهارة في تقنيات الدعاية الحديثة، ويتسمون بالعصبية التي تدفعهم لاضطهاد الحركات الشعبية المطالبة بالتغيير".
ومع أن هناك زيادة في عدد البلدان المصنفة كبلاد حرة في تقرير العام 2012، إلى 90 دولة، حققت  مكاسب أعلى من ثلاث درجات، فقد أظهر التقرير في ذات السياق تراجعا كبيرا في 27 دولة مقارنة مع 16 دولة أظهرت مكاسب ملحوظة. وللسنة السابعة على التوالي، تظهر بيانات  التقرير تراجعاً كبيرا في الحرية فاق المكاسب التي تم تحقيقها على مدى سنوات لبعض الدول. وتؤكد نتائج التقرير أن هناك تصعيدا مستمرا واضطهادا يمارس على مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة من قبل الحكومات والسلطات الحاكمة التي تحاول أن تبقي سيطرتها على وسائل الإعلام، وأن تقيد الحريات الإعلامية.
اللافت للنظر في التقرير أن المنطقة العربية تشوبها حالة من الغموض فيما يخص النتائج المتعلقة بواقع الحريات ومكتسباتها، رغم رياح التغيير التي طرأت عليها. فالتقرير يشير إلى النتائج الإيجابية التي حققتها ليبيا مقارنة بمصر وتونس. ففي مصر، ورغم إجراء انتخابات رئاسية تنافسية، والتخلص من حكم المجلس العسكري، إلا أن الدستور الجديد خلق العديد من المشاكل، وساهم في تعميق الفجوة السياسية بين مختلف الأطياف السياسية هناك، وأدى إلى توليد توترات اجتماعية وسياسية ذهب ضحيتها العديدون. ويشير التقرير إلى التراجع على مستوى الحريات العامة والصحفية في دول مثل الأردن، والكويت، ولبنان، وعُمان، والإمارات العربية المتحدة، وسورية، والعراق.
يقدم التقرير نقدا للديمقراطيات الغربية وللديمقراطية الأميركية، بسبب مواقفها المترددة في دعم الحريات على الصعيد العالمي، وعدم لعب دور قيادي في عمليات التحول الديمقراطي. والخلاصة هي أن المتسلطين الجدد نوع جديد قديم ممن يكنون للحرية أشد العداء.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جهاد المحيسن