مما لا شك فيه أن مشاورات رئيس الديوان الملكي فايز الطراونة، مع الكتل النيابية لاختيار رئيس الوزراء المقبل، تواجه عقبات عديدة أفرزتها انتخابات مجلس النواب الأخيرة؛ إذ برز بشكل واضح للجميع أن تركيبة تلك الكتل المُشكلة تعاني من ضعف وانقسام في بنيتها.
فهي كتل لم تقم على أساس حزبي أو أيديولوجي أو فكري واضح المعالم، بل كانت تلك الكتل عبارة عن تجمع أفراد أكثر منها تجمعا سياسيا يعبر عن رؤيته لمستقبل وشكل الحكومة المقبلة. وفعليا، انقسمت هذه الكتل. لذلك، فإن بعض النواب يسعون إلى إعادة بناء تحالفاتهم في كتل جديدة بعد الخلل الذي اعترى الكتل السابقة في انتخابات رئاسة المجلس. وفي محاولة من النواب لكسب الوقت من أجل إعادة ترتيب وهيكلة مجموعاتهم التي أصابها التصدع، فإنهم سيسعون إلى إطالة الحوار من أجل بناء الكتل التي ستنهار مجددا نتيجة لبنيتها الهشة أصلا؛ فتجربة التحالفات التي قامت في معركة الرئاسة والمكتب الدائم انتهت مع إعلان نتائج الجولة الأولى لانتخابات رئاسة مجلس النواب.
ما حدث وسيحدث مستقبلا يعيدنا إلى المربع الأول في منهج وطريقة تشكيل الحكومات البرلمانية، والتي يفترض أن تتشكل على أساس برامجي سياسي، تستطيع أن تقدم من خلاله رؤيتها وشخوصها للمرحلة الحالية. لكن يبدو أن صيغة قانون الصوت الواحد ستبقى صيغة عاجزة عن تحقيق الحلم بتشكيل حكومات برلمانية تستطيع أن تنتقل بنا إلى طريقة جديدة تختلف عن الطريقة السابقة في تشكيل الحكومات.
من هذه الزاوية التي تُظهر تشظي الكتل النيابية، سيكون من الصعب في المنظور القائم، وضمن تركيبة المجلس النيابي الحالي، أن تتشكل حكومات برلمانية تعبر عن طموح رأس النظام السياسي وطموح الشارع. ولذلك، ستكون مهمة فايز الطراونة في محاورة المجلس مهمة صعبة نتيجة لهذه المعطيات التي تفرض نفسها بقوة على مستقبل المسار الإصلاحي في الأردن، خصوصا أن سيناريو الحوارات والمشاورات التي سيجريها رئيس الديوان الملكي ما يزال غير واضح المعالم؛ فهل سيضع الطراونة أسماء لرؤساء حكومات ويتشاور على ضوء هذه الأسماء مع المجلس بشأنها؟ أم أن الطراونة سيطلب من المجلس ترشيح أسماء لرئاسة الحكومة المقبلة؟ وفي حال تم طرح ذلك على المجلس، كيف سيتعامل مع هذه الطروحات في ظل هذه الحالة الانقسامية؟
لذلك، لا يمكننا الحكم على ما ستؤول إليه هذه المشاورات نتيجة لهشاشة الكتل النيابية الموجودة التي ستحاول مجددا إعادة ترتيب صفوفها؛ فهي ضمن هذا السياق لا تستطيع أن تتقدم بخيارات واضحة المعالم حول مستقبل الحكومة المقبلة. فهل تستطيع ترميم تحالفاتها من جديد، والتقدم بمقترحات عملية لشكل الحكومة المقبلة؟ سؤال سيبقى مفتوحاً، والإجابة عنه ستفرزها المشاورات الدائرة، والتي سيغلب عليها الطابع الفردي أكثر من الطابع الجماعي!

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جهاد المحيسن