لم يكفه ما كان حتى جاءه ما فوق غل الجيد والإحصار 
ألنفي بعد السجن تلك عقوبة أعلى وأغلى صفقة للشاري 
يسمو بها السجن القريب جداره شرفا إلى سجن بغير جدار 
لا يترك الجاري عليه حكمه إلا ليدركه القضاء الجاري 
أي السفائن يستقل كأنها إحدى المدائن سيرت ببخار 
ينأى بها عن أهله ورفاقه دامي الفؤاد وشيك الاستعبار 
ينبو ذرا البلد الأمين بمثله والزاحفات أمينة الأجحار 
متلفتا حين الوداع وفي الحشى ما فيه من غصص ومن أكدار 
تتغيب الأوطان عن جثمانه والقلب يشهدها الاستحضار 
متشبعا مترويا مما يرى لشفاء مسغبة به مسغبة به وأوار 
يرنو إلى صفر الشواطئ نطقت أعطافها بالأزرق الزخار 
ويذوب قبل البين من شوق إلى وجه الحمى وجماله السحار 
يستاف ما تأتي الصبا بفضوله من طيب تلك الجنة المعطار 
وبسمعه لحن العشيرة جامعا لغة الأنيس إلى لغى الأطيار 
لهفي عليه مشردا قبل الردى سيهيم في الدنيا بغير قرار 
من أجل مصر يؤم كل ميمم في قومه ويزور كل مزار 
لا يوم يسكن فيه من وثب ومن بسكينة للكوكب السيار 
في غربة موصولة آلامها أنضته في الرحلات والأسفار 
تنتابه الصدمات لا يشكو لها إلا شكاة المحرب الكرار 
ثقة بأن الفوز ليس لجازع في العالمين الفوز للصبار 
وتعضه الفاقات لا يلوي بها عزا ويسترها بستر وقار 
حرصا على المتطولين بفضلهم أن يجنحوا وجلا إلى الإقصار 
ما كان أظفره بألين جانب للعيش لولا شدة الإصرار 
 
 
 
 
 
 

المراجع

الموسوعة العالمية للشعر العربي

التصانيف

أدباء