رشحت معلومات صحفية تفيد أنه انهمر على الديوان الملكي ما يقارب أربعة آلاف سيرة ذاتية أرسلها أصحابها ويعتقدون أنهم بحسب سيرهم تلك مؤهلون ليكونوا أعضاء في مجلس الأعيان "مجلس الملك".
والطريف في هؤلاء الطامحين أن غالبيتهم لا تنطبق عليهم شروط أن يكون الواحد عينا، وذلك بحسب ما ورد في الدستور من شروط للعضوية في مجلس الأعيان؛ فقد نصت الفقرة الثانية من المادة (75) من الدستور أن يكون العين قد أتم أربعين سنة شمسية من عمره. وأن يكون من إحدى الفئات التالية: رؤساء الوزراء والوزراء الحاليين والسابقين، السفراء والوزراء المفوضين ورؤساء مجلس النواب، رؤساء وقضاة محكمة التميز، ومحاكم الاستئناف النظامية والشرعية، الضباط المتقاعدين من رتبة أمير لواء فصاعداً، النواب السابقين الذين انتخبوا لمرتين أو أكثر، من ماثل هؤلاء من الشخصيات الحائزين على ثقة الشعب واعتماده بأعمالهم وخدماتهم للأمة والوطن!
وتبدو النصوص الدستورية واضحة بحيث لا مجال للشك أن هذا الكم الهائل من السير الذاتية التي انهالت على الديوان الملكي، إن صحت، تنبئ بحجم الخلل الذي يعتري تفكير المجتمع، فليس من المعقول، وعلى طول عمر الدولة الأردنية التي تشارف على القرن، أنّ الأردنيين المؤهلين ليكونوا أعضاء في مجلس الأعيان بحسب المواد الدستورية الواردة، قد وصلوا لهذا الرقم.
لكنّ ثمة تكالبا كبيرا لدى شريحة واسعة من الأردنيين على المنصب العام، وعلى الأعم الأغلب أن جل هذه السير الذاتية التي أرسلت، لأشخاص في الحقل الأكاديمي الذين يعتقدون أن تعليمهم الأكاديمي يرشحهم لمثل هذا الموقع، مما يعيدنا إلى المربع الأول في فكرة التعليم العالي ذاتها، والتي جعلتهم يعتقدون أن حلمهم لن يتحقق إلا بعد الحصول على منصب عام، وبالتالي تحقيق الوجاهة التي تكمن في تفاصيل مسيرة حياتهم، على حساب المعرفة والتعليم والبحث العلمي. والجزء الآخر من هؤلاء الذين أرسلوا سيرهم الذاتية ممن تنعّموا بالمنصب العام، ويعتقد هذا الفريق في قرارة نفسه أنه يملك الخبرة الكافية والحق الطبيعي في استمراره في العطاء!
هذا التكوين القاصر للهاث وراء المنصب العام، أصبح السمة الأبرز، ولعله أصبح من مكونات الشخصية الأردنية الرئيسية، التي تستحق البحث سيكولوجيا واجتماعيا، لتحليل رموز الشيفرة التي تدفع بعضهم للقفز فوق قواعد دستورية واضحة في شروط تعيين العين!
فطالما أن القصة تعيين، وتعيين فقط والبحث عن منصب عام، فإن ذلك يستدعي في مثل هذه الحالة مراجعة نقدية لكثير من القضايا التي اعتبرت وما تزال ثوابت في حياتنا العامة ومسيرة دولتنا الأردنية!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جهاد المحيسن