يزداد الشحن السياسي الدولي والإقليمي في انتظار تحول فوق تقليدي في التعامل مع الملفات الإقليمية الشائكة المشتعلة في المنطقة. المعلومات القادمة من واشنطن حسب شبكة (cbs) تتحدث عن استعدادات أميركية لهجوم صاروخي يحضر له البنتاجون على مواقع سورية، وأن هذه الاستعدادات بدأت قبل الكشف عن مذبحة اطفال الغوطة، تبع ذلك تصريحات لوزير الدفاع الاميركي تحدثت عن نفس الاستعدادات بانتظار اوامر الرئيس. في الوقت الذي تزداد فيه الرسائل الاسرائيلية الموجهة الى حزب الله، وما قد تحمله من مفاجآت غير منتظرة خلال أسابيع قادمة وسط عودة المدن اللبنانية الى الاستهداف وإلى تفجيرات تحمل رسائل متبادلة بين الخصوم التقليديين تعمل في نفس الوقت على تهيئة المسرح لعمل فوق تقليدي قد تقدم عليه اسرائيل بأي لحظة.
 على كل الأحوال، فقد نضجت الظروف على الجبهتين لتحولات فوق تقليدية بالمفهوم الاستراتيجي؛ فلا يمكن تصور استمرار حالة الاستنزاف الحالية الى ما لا نهاية؛ فقد أدت وظيفتها المطلوبة تماما سواء على الجبهة السورية أو فيما يتعلق بأداء حزب الله وتنامي دوره الإقليمي بالمنظور الاسرائيلي الأميركي.
 ينحصر الحديث الأميركي في هذا الوقت على ضربات بصواريخ كروز على مواقع للقوات النظامية السورية تشمل مراكز للقيادة والسيطرة وبعض التحصينات، قد لا تهدف إلى إسقاط النظام بل إعادة توازن القوى على الأرض؛ بعدما رجح ميزان القوى خلال الأشهر الاخيرة لصالح قوات النظام، وبالتالي دفع النظام السوري إلى العودة للحل السياسي بأقل الأثمان، وتقليل الحرج الذي وصل إليه الموقف الأميركي بعد مذبحة أطفال الغوطة.
أي عمل عسكري ضد سورية أو حزب الله يتطلب موقفا أردنيا حذرا ودقيقا نتيجة حساسية الأوضاع، وأن لا يخرج عن ثوابت التوافق الوطني الأردني في الدفاع عن المصالح العربية والوقوف في مواجهة العدوان والتدخل الخارجي مهما كانت التناقضات والمبررات، فالخبرة السياسية الرسمية مع حزب الله ليست مملوءة بالود، ولكن لا يمكن للموقف الرسمي الأردني أن يقف موقف المتفرج إذا ما استثمرت اسرائيل فرصة الأوضاع الاستراتيجية الرخوة في المنطقة لتأديب حزب الله؛ فكيف سيكون موقف الرأي العام العربي وتحديدا الأردني بعد المواقف الأخيرة بالتدخل في الشأن السوري؟ فلطالما وقف الرأي العام العربي بقوة الى جنب الحزب في كل حروبه مع اسرائيل، فهل ستبرد درجة حرارة المؤازرة والدعم المعنوي عما كنا نشاهده في السابق وهل يمكن الرهان على تحول من هذا النوع ؟. 
أي عمل عسكري ضد سورية أو لبنان مرفوض من قبل الرأي العام الأردني جملة وتفصيلا، لأن نتيجة أي عدوان سيدفعها المجتمع وبنى الدولة في كلا البلدين، وقبل ذلك كله فإن حربا اقليمية جديدة على الحدود الشمالية ستجعل الأردن يدفع المزيد من الأثمان، ويمكن رصد أربعة أشكال من التهديدات الاستراتيجية المحتملة التي قد يواجهها الأردن؛ التهديد الأول: اندلاع شكل من أشكال الحرب الكيماوية، سواء باضطرار أحد الأطراف الى استخدامها أو بضرب بعض مستودعات الأسلحة بالخطأ أو وصول جماعات متطرفة لها. التهديد الثاني: المزيد من اللاجئين الذين قد يشكلون للأردن طوارئ غير مسبوقة علاوة على احتمال تهجير ما تبقى من سكان مخيم اليرموك. التهديد الثالث: تسلل عناصر التنظيمات العسكرية المتطرفة نحو الحدود الأردنية إذا ما علمنا أن الضربات الأميركية المحتملة سوف تستهدفها أيضا. التهديد الرابع: عمل عدواني ثأري قد يلجأ له أحد أطراف الصراع إذا ما شعر أن الأردن يقدم تسهيلات أو يسمح باستخدام أراضيه.  

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  د.باسم الطويسي.   جريدة الغد