هذه العبارة البسيطة أصبح الناس يرددونها للتعبير عن حالة "الرهاب النفسي" التي وصلوا إليها، نتيجة حديث الحكومة المتواصل عن نيتها رفع أسعار الكهرباء؛ فقد اختزلت كل مشاكل الأردن، وحلولها في الوقت ذاته، في إلغاء الدعم عن فواتير الكهرباء.
يبدو أن الحكومة قد طاب لها التذكير، في كل لحظة وفي كل موقف، بالحديث عن أن مستقبلنا الاقتصادي، واستقرارنا السياسي والاقتصادي، مرهونان بهذه العملية التي أصبحت "مسمار جحا" في كل شاردة وواردة تتصل بالوضع المعقد الذي وصلنا إليه، بدون أن نسمع حلولا عملية لهذه المشكلة التي ستنفجر في وجه الحكومة، عاجلا أم أجلا، خصوصا أن عملية رفع أسعار الكهرباء سوف تصحبها سلسلة من الإجراءات التي تهدد الأمن الاقتصادي للمواطن.
الحكومة بتصريحاتها المختلفة حول الوضع الاقتصادي، أصبحت جزءا من الأزمة بدل أن تكون حلا لها. وهي بذلك الحديث الدائم عن الوضع الاقتصادي لن تتفادى الانهيار الذي تتحدث عنه؛ فالقصة سوف تبدأ برفع أسعار الكهرباء، ولن تنتهي بإلغاء الدعم تدريجيا عن الخبز وسلع أساسية أخرى، لضمان الحصول على القرض المالي المشروط الذي سيقدمه صندوق النقد الدولي بقيمة ملياري دولار! بمعنى أن الحل الذي يُقدم عبر صندوق النقد الدولي هو حل مرحلي، ومعلق على شروط قاسية سيتحمل تبعاتها المواطن. ولن يقف الأمر عند هذا الحد؛ فالمواطن أصبح "جمل المحامل"، بل إن السيادة الوطنية ذاتها ستتحمل كلفا سياسية لا تستطيع في مثل هذه الظروف الإقليمية تحملها، وخصوصا فيما يتعلق بالملف السوري!
وليس أدل على ذلك من الشروط المسبقة التي وضعتها الولايات المتحدة الأميركية على المنحة التي قدمتها قبل فترة، والتي جاءت تحت بند "دعم الخزينة الأردنية في مواجهة استضافة اللاجئين السوريين". إذ جاءت هذه المساعدات مربوطة بشرطين رئيسين: الأول، أن يقوم الأردن بالسماح للاجئين السوريين بدخول الأردن بدون قيد أو شرط. والثاني، استلام الدفعة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي البالغة 385 مليون دولار!
هذه القروض والمنح والمساعدات، كما يعلم الجميع، مرتبطة بقرارات سياسية سيادية، وإجراءات اقتصادية تنطوي على تهديد لمفهوم السلم الاجتماعي، والذي بدأ يطل برأسه بقوة. ولعل معان تشكل الإنذار المبكر لهذه الحالة التي نعيشها، والتي عجزت فيها الحكومة عن إيجاد حل غير الحل الأمني، وتأخرها في التوجه إلى معان وإيجاد حلول عبر الحوار، وتفعيل سلطة القانون، وليس تغليظ القبضة الأمنية. فالحكومة هي صاحبة الولاية، ومن المفترض أن تكون حلولها مرتبطة بواقع المجتمع. فنحن لا نستطيع تحمل كلف الفلتان الأمني إذا ما حدث ذلك لا قدر الله. وكان من الأجدر أن يكون القضاء والقانون سيديّ الموقف في مثل هذه الحالة.
لذلك، فإن قادم الأيام سيحمل الكثير من المفاجآت إذا ما تم المضي قدما في مسلسل رفع الأسعار، والذي يتزامن مع ذروة الاحتقان الاجتماعي.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جهاد المحيسن