فصول المعركة على سورية تشهد تحولات جديدة، لم يستطع معها المسلحون الذين قدموا من مشارق الأرض ومغاربها، والمدججون بالأسلحة وثقافة الموت والكراهية، أن يحققوا نصرهم المزعوم على "روافض الشام".
نفهم ما دار في سورية من صراع، ونفهم كذلك اللهاث الدولي والإقليمي على تفكيك الدولة السورية، وجرها الى مربع الخراب والعنف. ولكن ما لا نستطيع فهمه هو التهديدات التي توجه إلى الأردن والأردنيين من قبل ما يسمى الجيش الحر. فقد سبق أن هُددت الزميلة النائب ميسر السردية قبل عدة أشهر عبر شريط فيديو لأحد الأشخاص يزعم أنه من الجيش الحر، وذلك على خلفية موقفها مما يحدث من خراب دُبر بليل لسورية!
وما لبثت هذه التهديدات أن بلغت ذروتها قبل أيام عندما وجه لاجئون سوريون اتهامات للأردن كونه لم يفتح حدوده من أجل الدخول إلى الأردن. وبُثت هذه التهديدات عبر شريط للفيديو صور بعض اللاجئين وهم يوجهون كلمات بذيئة بحق الأردن والدرك. ويقال في الفيديو المنشور على المواقع الإخبارية الأردنية إن "الدائرة ستدور على الحكومة الأردنية والشعب الأردني".
لم أر حقدا وتخبطا مثل هذا الحقد وهذا التخبط. وربما لن يستيقظ من نومهم الداعون إلى دعم المسلحين. فكما حذرنا وما نزال نحذر، فإن المصلحة الوطنية الأردنية تقتضي الحفاظ على الدولة السورية التي ثبت بالوجه القطعي تماسكها شعبيا وعسكريا، وأن الانتصارات لم تكن لتتم على الأرض لولا هذا التماسك الوطني والشعبي والالتفاف حول الدولة السورية.
ينسى هؤلاء المتنطعون أن الأردن قد تحمل الكثير من تبعات الحرب على سورية، وأن "صناعة اللاجئين"، تحمّل تبعاتها الأردن شعبا وحكومة، وأن كلف هذا اللجوء ندفع ثمنها اقتصاديا وسياسيا، وهم لا يتحملون شيئا، بل على العكس؛ كل المديح والثناء ينهال على المحررين والديمقراطيين في الخليج!
وفي ذات الشريط الذي يعبر عن تناقضات الجيش الحر، نجد فيه اللاجئين يحملون الجزء الأكبر من المسؤولية للجيش الحر الذي قالوا عنه إنه "يتعامل مع الدرك الأردني كسماسرة للحكومة الأردنية". وهدد شخص سوري في نفس الشريط الأردن، وعرف نفسه على أنه "من قادة الجيش الحر" بالقول إنه "إذا لم تحل مشكلة المعبر الأردني، فإنه سيترك بشار ويتجه إلى الأردن". ويصاحب هذه التهديدات صيحات "الله أكبر".
سوف نسمع من البعض، ممن عشق الدفاع عن المسلحين، وتصوير الحرب على سورية على أنها حرب على الروافض والكفرة، دفاعا مستميتا؛ مستندين في ذلك إلى فتاوى القرضاوي في خطبته مؤخرا بأحد مساجد الدوحة، بأن الشريط من صنيعة أنصار النظام السوري!
مللنا من هذه الادعاءات التي تكشف كل يوم زيف ما يحدث في سورية. وفوضى الدم هي ما يراد نشره باسم "الله أكبر"؛ فعلينا أن نكون متيقظين على الدوام من مثل هذه المآلات!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جهاد المحيسن