لم تكن بالشيء المبتدع تصريحات رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، والقيادي البارز في حركة "حماس" عزيز الدويك، حول سورية، والتي تقول "بأولوية دعم المعارضة السورية في معركتها لوقف إراقة الدماء، على أي انشغال آخر، بما في ذلك الجهاد في فلسطين، باعتباره أولوية مستعجلة".
فقد أشار ثروت الخرباوي، أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين في مصر، والذي ترك التنظيم نتيجة لخلافات مع المرشد والتنظيم، إلى شكل العلاقة التنظيمية التي تربط أعضاء الجماعة بالمرشد والتنظيم. ففي كتبه عامة، وكتابه "سر المعبد.. الأسرار الخفية لجماعة الإخوان المسلمين" خاصة، يشرح الخرباوي الكثير من القضايا الغائبة عن أعين الناس، وكذلك عن أعين الأعضاء المنظمين في الحركة ذاتها. ففي أحد حواراته بعد قرار الرئيس محمد مرسي قطع علاقة مصر بسورية، يتحدث بكل صراحة عن أن أولوية التنظيم لدى "الإخوان المسلمين" تأتي فوق أولوية الحكم. وهو يشرح موقف الرئيس المصري من قطع العلاقات مع سورية، ليؤكد أن خضوع مرسي لقرار التنظيم جاء نتيجة لهذه الأولوية.
ويبدو أن مجمل الحركة الأممية الإخوانية تلتزم حرفيا بقرار المرشد وباقي أركان الحركة، وسرعان ما تجد لها تعبيراتها في العالم العربي والاسلامي. فنحن في الأردن على سبيل المثال، خرجت مسيرة "إخوان الأردن" لمساندة الثورة ضد النظام السوري وحزب الله، شارك فيها عدد من السوريين، وخرجت فيها هتافات تجاوزت السقوف في الشأن الأردني، وذلك لاعتقادهم أن الأردن يجب أن يتحرك لدعم المعارضات السورية، وعلى رأسها "جماعة الإخوان المسلمين" التي لا تقيم أي اعتبار للدولة الوطنية أو تحرير فلسطين، طالما أن أولوية التنظيم فوق كل اعتبار!
وضمن هذا السياق التنظيمي؛ الذي يقف على رأس أولويات الحركة، تُفهم تصريحات رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عزيز الدويك، وهو أحد أقطاب "حماس"، عن أن تحرير فلسطين ليس أولوية. وقد سبقه في ذلك يوسف القرضاوي الذي لا يرى ما يمنع أن يتأخر تحرير فلسطين مئة عام أخرى.
هذه المواقف التي يطلقها الدويك وغيره من قيادات الإخوان المسلمين، لا يوجد فيها ما يمنع من أن تلتقي مصالح الغرب مع مصالح الشعب السوري بما يخدم الدفاع عن حقوق الإنسان، رغم أن الغرب لا يعمل لوجه الله تعالى، بحسب ما يقول الدويك!
هذه التصريحات الغريبة العجيبة، وزج القضية المركزية الفلسطينية في أتون الحرب الدائرة على سورية، تعكس تخبطاً سياسياً خطيراً، ولا يمكن تسميتها بغير خلط للأولويات الوطنية الفلسطينية. وهي انحراف واضح عن هدف النضال والكفاح الفلسطيني والعربي الذي كانت بوصلته دوماً متجهة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومخططاته لتصفية القضية الفلسطينية.
فقه الأولويات الذي فقد بوصلته لدى البعض من قيادات حركة "حماس" وجماعة الإخوان المسلمين بشكل عام، يصب في مصلحة العدو الصهيوني، عندما يرى تراخيا في الحديث عن تحرير فلسطين، ولو من باب "أضعف الإيمان"!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جهاد المحيسن